أموال تتكدّس، وفقرٌ يتفاقم، ضدّان يجتمعان في الولايات المتّحدة بفعل سياساتٍ اقتصاديةٍ مفتعلة، هذه خلاصة كتاب لعالم الاجتماع الأميركي ماثيو داسموند ،فهل تعاني الولايات المتحدة من الفقر؟ ومن المستفيد من سياسات تعميم الفقر؟
لا تسبق الولايات المتحدة أي دولة في العالم من حيث ثروتها المادية وتقدمها العلمي،وتتبوأ المكانة الأولى من حيث حجم الناتج القومي.
وللولايات المتحدة مئة شركة بين أكبر خمسمئة شركة في العالم، كما أن لديها سبع جامعات بين أفضل عشر جامعات عالمية.
ويصل متوسط الناتج القومي للفرد أكثر من 55 ألف دولار سنويا، وهو ما يضعه ضمن فئة أعلى الدخول في العالم.
لكن على الرغم من ذلك يعاني ملايين الأميركيين من الفقر.
قال محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة نزار عبود :"إنّ العمال الذين يتقاضون أجوراً متدنية تصل نسبتهم إلى 23% في الولايات المتحدة مقابل 17% في بريطانيا و5% في إيطاليا و11% في اليابان، معتبراً أنّ هذه المقارنة مع دول صناعية متطورة توضح كيف أنّ الولايات المتّحدة تتجاهل الفقر.
وعلى الرغم من أنّ سعر السلع في الولايات المتّحدة أرخص من غيرها، بسبب كثرة الإنتاج واتساع السوق، إلّا أنّ المقوّمات الأساسية للحياة مثل السكن والطاقة سعرها مرتفع ما يجعل الأجور تتآكل بسرعة بحسب عبود.
وأشار إلى وجود طبقة غير معلَنة من اللاجئين غير النطاميين الذين يُستغلّون أضعافاً مضاعفة، ما يرفع نسبة الفقر من 23% الى 35%.
وأضاف عبود أنّ أوّل ارتداد لنسب الفقر العالية هو ارتفاع نسبة الجريمة، إذ تضمّ الولايات المتّحدة 25% من سجناء العالم.
وبالنسبة لأزمة سقف الديون الأميركية قال عبود :" مشدّداً على أنّ جوهر هذا الخلاف هو تخفيض النفقات لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وفي المقابل رفض زيادة الضرائب على الأثرياء.
بدوره رأى محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، أنّ هذا الواقع هو نتيجة سياسات معتمَدة ومخطّطة عن سابق إصرار وتصميم وتخطيط، والهدف منها هو الفصل بين الفقراء والأثرياء.
ولفت عز الدين إلى أنّ كبار الأثرياء الموجودين في الولايات المتحدة لم تأتِ ثروتهم من الداخل الأميركي، بل هي حصيلة نهب ثروات العالم.
وأشار إلى أنّ تغيير هذا النهج يتطلّب ثورة اجتماعية تغيّر النظام السياسي، لأنّ خطورته تكمن في اعتماد سياسات اقتصادية تخدم فئات محدّدة.
والفئة الأكثر تضرراً من ظاهرة الفقر هي الأميركيين من أصول أفريقية، وبدرجة أقلّ من أصول لاتينية، ما يعكس الوجه العنصري للولايات المتّحدة.