أكد حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة، أن المرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2014 وتعليماته التنفيذية يعد مساهمةً هامةً في تذليل العقبات وتهيئة المناخ الاقتصادي الملائم للخروج الآمن من الأزمة الراهنة، التي يتطلع السوريون لأن تكون قريبة بهمة المخلصين من أبناء الوطن حتى نتمكن من إعادة البناء بأفضل مما كان.
واعتبر ميالة بحسب صحيفة (الوطن) المحلية، أن التعليمات التنفيذية للمرسوم توخت توضيح كل موجبات المرسوم بحيث يتمكن كل من هو معني بتطبيقه من معرفة حقوقه وإلتزاماته، فأتت واضحة ووافية ليس فيها لبس ولا تترك مجالاً للتفسير والتأويل.
ميالة بيّن أن التعليمات التنفيذية للمرسوم شرحت أحكامه بما يمكن المعنيين بتطبيقه بفهم واستيعاب هذه الأحكام بالشكل الصحيح، وتحقيق الغاية المرجوة منه بما يعود بالنفع على أصحاب الفعاليات الاقتصادية المعنية والمصارف والاقتصاد الوطني عموماً، لجهة ما حددته المادة 1 من التعليمات التنفيذية بالحد الأقصى للجدولة لمدة لا تتجاوز عشر سنوات.
وذكر أن الهدف من تحديد الفترة هو تجنب زيادة المخاطر التي تتحملها المصارف نتيجة طول فترة سداد القرض، كما أنها فترة كافية لتجاوز الظروف التي تمر بها المشروعات المتعثرة، كما بين أن الجدولة تتم لكل قرض أو تسهيل على حدة، فلا يجوز أن تتم الجدولة بنفس الطريقة لكافة القروض وذلك لاختلاف ظروف كل عميل وكل مشروع متعثر مما يجعل عمليات الجدولة أكثر جدوى لمصلحة العملاء أنفسهم ولمصلحة المصرف وتتصف بجودة ودقة أكبر في مراعاة طبيعة ومستويات المخاطر، وللتأكيد على تجنب المجانية والنمطية في عمليات الجدولة ووجوب مراعاة خصوصية كل حالة على حدة نصت المادة على تحمل إدارة المصرف المعني المسؤولية في عمليات الجدولة.
في حين نصت نفس المادة على أن الإعفاء يطال كامل فوائد التأخير والغرامات غير المسددة فقط بتاريخ توقيع اتفاق الجدولة دون الفائدة العقدية غير المسددة والتي هي من حق المصرف، لجهة تسجيل هذه المبالغ في حساب مستقل ويحتفظ بها لحين سداد آخر قسط من الجدولة وذلك لمطالبة العميل بسدادها في حال فقد حقه في الإعفاء وفقاً لما سيتم بيانه لاحقاً، حيث يطال الإعفاء فوائد التأخير والغرامات غير المسددة فقط أما ما تم سداده قبل صدور هذا المرسوم التشريعي فلا يسترد وهو من حق المصرف، والهدف من ذلك تجنب الضغط على سيولة المصرف في حال ألزم بإعادة هذه المدفوعات.
ويشير ميالة إلى أن المادة 2 نصت على أن الاستفادة من الإعفاء لا تقتصر على العملاء الذين يبرمون اتفاقيات جدولة مع المصرف وإنما تشمل أولئك الذين لا يرغبون بإبرام تلك الاتفاقيات على أن يقوموا بتسديد الأقساط المستحقة غير المسددة خلال فترة ستة أشهر من تاريخ صدور هذا المرسوم، مما يؤمن فرصة مهمة للكثير من العملاء لتسوية أوضاعهم وللمصارف لتحصيل ديونهم، أما المادة 3 فقد تركت للمصرف تحديد دورية الأقساط المجدولة بناءً على دراسة للعوامل المرتبطة بالوضع المالي للعميل وطبيعة نشاطه، مع تحديد مدة سريان الجدولة من تاريخ توقيع الاتفاق.
ميالة اعتبر المادة الرابعة ذات أهمية خاصة، لجهة إيضاحها أن إيقاف إجراءات الملاحقة القضائية الذي يقتضيه اتفاق الجدولة لا يشمل مرحلة البيع بالمزاد العلني حتى لا يتضرر المصرف بعد أن وصلت إجراءات الملاحقة إلى مرحلة متقدمة لتحصيل حقوقه، ولكن إيقاف الملاحقة لا يعني إلغاء الإجراءات التي تمت حيث يظل الملف التنفيذي قائماً وذلك لمتابعة الإجراءات القضائية من المرحلة التي توقفت عندها في حال عدم التزام العميل بشروط الجدولة، وتكمن أهمية هذه المادة في ضمان عدم تحمل المصرف لمصروفات إضافية وخسائر محتملة في حال تمت إعادة دورة الإجراءات من نقطة الصفر.
وفي نفس الوقت بين أنه في حال عدم التزام العميل بشروط الجدولة، ستعود إلى ما كانت عليه، حيث يفقد المدين المستفيد من الإعفاء حقه إذا تخلف عن تسديد أربعة أقساط شهرية أو قسطين ربعيين أو قسط نصف سنوي، ويطالب العميل بالغرامات وفوائد التأخير المعفاة بموجب هذا المرسوم التشريعي بحيث تعاد أرصدة الديون المشمولة بهذا المرسوم إلى حساباتها الأصلية ولكل جدولة وكل دين على حدة، ويطبق على الأقساط المستحقة الفائدة التأخيرية، وفي سبيل ضمان ديون المصرف وتحصين حقوقه قضت المادة الرابعة بأنه في حال عدم كفاية الضمانات يطلب ضمانات إضافية، بحيث تغطي الضمانات الأساسية والإضافية نسبة 100% من القروض المجدولة كحد أدنى وفقاً للإجراءات المعتمدة لدى المصرف لتقييم الضمانات، ومراعاةً للظروف الحالية وتجنباً لإثقال كاهل العميل أجازت المادة في حال عدم إمكانية تقدير الضمانات في الوقت الراهن اعتماد التقديرات السابقة للضمانات وتقديرات الدخل المقدمة بتاريخ المنح شريطة التأكد أصولاً من متانة وملاءمة الضمانات المقدمة وفق الظروف المتاحة.
كما اعتبر ميالة أن المادة 5 جاءت ضماناً لجدية العملاء وجدوى اتفاقات الجدولة حيث نصت على سقوط حق العميل بالاستفادة من هذا المرسوم إذا لم يتم توقيع الاتفاق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغ المدين قرار الجدولة، مشيرة إلى انه وبخلاف التشريعات السابقة فقد جاءت الأحكام الخاصة بدفعة حسن النية متسمة بالمرونة المطلوبة.
وانسجاماً مع فلسفة معالجة الديون المتعثرة لكل حالة على حدة وعدم اعتماد معالجة واحدة لكل الملفات، وحيث أن ذلك قد يحرم بعض العملاء من حصولهم على جدولة لديونهم نتيجة عدم إلزام المصرف بعملية الجدولة فيما لو ترك الأمر له، فقد نصت نفس المادة على إشراك الغرف المختصة التي يتبع لها العملاء في تقييم وضع العميل وإحالة الملفات التي لا تشهد توافقاً بين المصرف والغرفة إلى وزارة المالية للبت بها، حيث للمصرف أن يطلب إلى الغرفة المختصة إبداء الرأي في أي معلومات أو بيانات يقدمها العميل، وله أن يطلب تزويده بأي بيانات أو معلومات بخصوص وضع العميل ونشاطه، وضماناً لجدية المصرف وتحمله لمسؤولياته في هذا الإطار فقد نصت المادة نفسها على وجوب قيام المصرف، في حال عدم الاتفاق مع العميل على جدولة الديون المتعثرة، عرض الموضوع على الغرفة المختصة لإبداء الرأي، وفي حال عدم التوصل إلى توافق بالرأي يعرض الموضوع على وزير المالية للبت به بما لا يخالف الضوابط المحددة في هذا المرسوم وتعليماته التنفيذية.
أما المادة الثامنة فقد اعتبر ميالة أنها جاءت في سبيل تخفيف المخاطر التي يتعرض لها القطاع المصرفي لجهة عدم استفادة المدينين المشمولين بأحكام المرسوم من أي قرض أو تسهيلات ائتمانية مباشرة أو غير مباشرة من أي من المصارف والمؤسسات المالية الأخرى العاملة خلال فترة الجدولة.