الإعلام تايم - الديار
كيف يمكن إقناع أولياء أمرنا بأننا قد نكون أغبياء، ولكن لسنا أغبياء الى الحد الذي يتصورونه؟ كيف يمكن اقناعهم، وهم يطأوننا بأقدامهم، أن دونالد ترامب يتعامل معهم كما كان يتعامل مع... بنات الهوى؟
أغبياء ونعلم أن الادارات الأميركية المتعاقبة لم تفرق يوماً بيننا وبين الهنود الحمر الذين تحولوا الى قطع أثرية في المتاحف. لا، لا، نحن أقل شأناً من أن نوضع في المتاحف.
أغبياء، ونعلم أن الأميركيين، ولطالما قلنا أن أميركا نسخة بشرية عن القضاء والقدر، على بينة كاملة من الأنظمة، ومن أجهزة الاستخبارات. ومن مهراجات هذا الزمان الذين ترعرعت "القاعدة" بين عظامهم، والذين ولد تنظيم الدولة الاسلامية داخل رؤوسهم قبل أن ينزل الى الأرض، والى ما تحت الأرض...
الأميركيون على دراية بكل سيارة مفخخة أرسلت الى بغداد، أو الى الموصل، أو الى البصرة، لا بل أن أجهزة الاستخبارات المركزية هي التي كانت، وما زالت، توجه تلك الأجهزة وتوظفها لأغراض تكتيكية واستراتيجية...
أغبياء ونعلم أن الأميركيين يعلمون كل شيء، ولديهم كل ما يلزم حول ما فعله هذا البلاط وما فعله ذلك البلاط في انتاج، أو في تمويل، او في ادارة الأيديولوجيات الهمجية التي تقتل نقطة التقاطع بين النص الآلهي والنص البشري في مجتمعاتنا...
الأميركيون يلعبون بنا ويتلاعبون بنا. وحين كان دونالد ترامب يحمل السيف ويرقص العراضة في السعودية، كان جنرالاته ومستشاروه يقولون أن المملكة غرقت في اليمن وستغرق أكثر...
وكانوا يقولون أو يميطون اللثام عن الجوانب السرية من المحادثات. هم الذين يؤكدون أن العلاقات بين بعض الدول العربية واسرائيل بلغت حداً يفوق التصور، وأن الشرق الأوسط على باب الصفقة الكبرى بين اسحق واسماعيل...
هذا هو ما يصبو اليه دونالد ترامب لكي ينتقل وعبر البيت الابيض، من ارصفة لاس فيغاس الى أرصفة التاريخ...
أغبياء ونعلم أن الأميركيين يقطعون الطريق على أي دولة عربية والتحول الى قوة مركزية في المنطقة. لاحظوا أين هي مصر الآن. هل هذه مصر حقاً؟
المصالحة الكبرى لا تنتظر سوى رفع الغطاء الزجاجي عنها. استعدوا من الآن للدوران حول هيكل سليمان. مسكين رجب طيب اردوغان حين التبس عليه الأمر بين حصان السلطان سليم، ومن بعده السلطان سليمان، والحصان الخشبي...
قطر هي ورقته الأخيرة. منذ أشهر نشر جنوده فيها، وأعدّ لإقامة قاعدة تجاور القاعدة الأميركية. فجأة وجد نفسه على وشك أن يخسر حتى هذه الورقة التي لا معنى لها بوجود الاساطيل الاميركية.
المثير أن هناك صحافيين أتراك تساءلوا ما اذا كان الرئيس التركي سيعود الى مد يده باتجاه الرئيس السوري. هؤلاء قالوا أن أكثر رجل في هذا العالم يشتم الأميركيين، ويكره الأميركيين، هو رجب طيب اردوغان...
اللعبة واضحة تماماً. لماذا تراجع دونالد ترامب بعدما أوحت تغريدته لكل عواصم الدنيا، بأن تميم بن حمد آل الثاني سيغادر الدوحة في أي لحظة الى مكان لائق على ضفاف المتوسط أو على ضفاف الكاريبي...
لا أحد يراهن على دونالد ترامب سوى العرب. مشروع المصالحة الكبرى مع اسرائيل تبلورت قبل وصوله الى البيت الأبيض. أمسك هو بطرف الخيط، وقال للإسرائيليين لا تغضبوا لأنني لم انقل السفارة الى أورشليم. سفاراتكم ستكون في كل العواصم العربية...