الإعلام تايم -المنار
يطغى على الجو العام في الملف السوري في الساعات الأخيرة إثارة موضوع خان شيخون، وما حصل فيها من هجوم فيها قيل أنه بمواد سامة، واتهام الغرب وما يسمى المعارضة والجماعات الارهابية للنظام السوري بارتكاب "مجزرة كيمياوية" إثارة هذه الأجواء لم ولن تحجب ارتياح القيادة السورية والجيش الوطني للوضع الميداني والانتصارات المستمرة.
لكن لنعُد الى الصورة قبيل ما حصل في خان شيخون: فوقائع جوبر والقابون وريف حماه وغيرها تتحدث عن نفسها، والفشل الذي حصدته "النصرة" واخواتها في تحقيق اختراق ميداني يتم ترجمته في جنيف أو البحر الميت، أكد مأزق هذه المجموعات الإرهابية ومشغليها من قطر والسعودية وتركيا وأثبت حاجتهم الى تحقيق توازن مفقود يخدمهم في أي جولة جديدة من المفاوضات .
في الجزء الآخر من الصورة أيضاً موقف أميركي من أعلى المستويات قبل أيام قليلة، تحدث عن عدم أولوية ازاحة الرئيس السوري. شكّل الموقف الأميركي الأخير من مستقبل الرئيس الأسد منعطفاً مهماً في الصراع القائم في سورية له معان مهمة وله نتائج وأثار محتملة، سواء أكان هذا الموقف نابعاً عن إقرار أميركي بالعجز أو سياسة أميركية جديدة في سورية. ولا شك أن الميدان السوري أملى على واشنطن اتخاذ هكذا قرار. كما أعقبه بساعات قول دونالد ترامب خلال استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أننا سندعم مصر بقوة في وجه الإرهاب، ومن المعروف موقف مصر المعتدل نسبيا إزاء القيادة السورية.
الموقف الأميركي حيال الرئيس الأسد أحرج بطبيعة الحال مشايخ الخليج سيما وأن حبر بيان القمة العربية لم يجف بعد فلا قطر ولا السعودية ولا تركيا ممنونة من الموقف الأميركي الذي يناقض تماماً ما عملوا له خلال ست سنوات من الحرب الدامية على الأراضي السورية.
هذه الصورة يبدو أنه جاء من يحاول قلبها، وخلق ضغط على الجو الدولي وإثارة جو جديد يغطي على الوقائع القائمة، عبر افتعال أكذوبة "مجزرة من قبل النظام" راح ضحيتها عشرات أو مئات المدنيين والأطفال.
بالنسبة الى الاعلام التابع لدول تدعم الجماعات المسلحة فمن المسلّم به وقبل أي تحقيق أو تحقق أن النظام السوري هو المرتكب، وتسابق هذا الإعلام على إعلان أرقام أعلى من الضحايا. وسارعت ما يسمى المعارضة الى ادانة المجزرة والمطالبة بمحاسبة ومحاكمة المسؤولين عنها. أما جبهة "النصرة" فقد استغلت المأساة ودعت إلى "إشعال الجبهات ثأرا لقتلى الهجوم الكيميائي" على خان شيخون في إدلب.
ودولياً سارعت أميركا أيضاً ومعها الغرب الى اتهام النظام وأكدت واشنطن أنها "واثقة" من ضلوع النظام السوري.. الحملة الدولية التي بدأت مع دي مستورا تفضح المستور وتؤكد النية القذرة لاستخدام جثث الأطفال في الصراع ، من قبل الإرهاب ومشغليه. وهذا يذكرنا بالأجواء التي حصلت عندما كانت واشنطن على وشك إعلان الحرب على دمشق بزعم استخدام السلاح الكيمياوي.
ما عنونته صحيفة الحياة كان واضحاً في هذا الاطار : "مذبحة الكيماوي" في إدلب "تختبر" ترامب. وقالت : أعادت مشاهد مروّعة لقتلى ومصابين بهجوم كيماوي في ريف إدلب أمس، التذكير بـ "مذبحة الكيماوي" في غوطة دمشق عام 2013، ومثّلت اختباراً للإدارة الأميركية الجديدة في تعاملها مع الملف السوري. وبدا الهجوم اختباراً للرئيس دونالد ترامب، الذي قالت إدارته قبل أيام إن أولويتها محاربة "داعش"، وليس إزاحة الرئيس بشار الأسد من الحكم.
السؤال هنا ماذا يستفيد النظام من فعل ذلك في وقت كان الجو الدولي يسير في تغييرات علنية لصالحه بل هو على الأرض في موقع الممسك بالزمام والمنتصر في أكثر من ميدان؟. هو سؤال منطقي بديهي يدحض الادعاءات.
واذا عدنا الى الماضي فهناك أكثر من واقعة أثبتت امتلاك واستخدام الجماعات الإرهابية للمواد الكيمياوية السامة وتم العثور على مستودعات تصنيع مثل هذه المواد.
واللافت في هذا المجال وبعد ساعات من نفي الجيش السوري امتلاك واستخدام مثل هذه المواد ، ما قالته وزارة الدفاع الروسية، حيث أعلنت في الساعات الماضية أن القوات الجوية السورية قصفت مستودعاً للذخيرة تابعاً للإرهابيين في خان شيخون بريف إدلب، احتوى على ذخائر أسلحة كيميائية تم نقلها إلى البلاد من العراق. وأكد البيان أن الأمر يحتاج الى دراسة "المعلومات الواردة أعلاه موضوعية تماماً وموثوق بها".
يقول الخبير الإستراتيجي الروسي فياتشسلاف ماتوزوف في هذا الإطار أن موضوع خان شيخون يحتاج دراسة يتم تحويلها للاأم المتحدة وتدرسه من كل النواحي لا سيما بعد الحديث عن أن الطيران السوري قصف مستودعات مواد كيمياوية تابعة للجماعات المسلحة.
وفي إشارته للأجواء العامة التي تحيط بهذه الاتهامات ينقل ماتوزوف في حديث تلفزيوني عن مراقبين في واشنطن أن الرئيس الاميركي ترامب يقع تحت الضغط القوي لكي يبقى على الموقف الأميركي السابق من الرئيس بشار الأسد.
في الخلاصة فإن محاولة قلب الصورة هذه لن تفلح فقد استُخدم مثلها في السابق مراراً، بل أن الفارق اليوم أن الجيش السوري والقيادة السورية في وضع افضل من كل النواحي، أما محاولة إثارة الغبار للتغطية على المواقف الأميركية والفرنسية التي أتت لصالح الرئيس الأسد فهي غير ذات جدوى أيضاً لأن الوقائع هي التي أتت بمثل هذه المواقف وهي وقائع لن تغيرها الادعاءات والأكاذيب المعتادة.