يتجاوز العدوان على مطار دمشق الدولي كل الخطوط الحمراء، ويكسر كل قواعد الاشتباك قديمها وحديثها، وجاء فور انتهاء مناورات عسكرية إسرائيلية بكل أنواع الأسلحة استمرت أكثر من شهر في شرق البحر المتوسط، والعدوان الإسرائيلي لم يتوقف طوال الخمس سنوات الماضية، وتطور كما يرى عبد الباري عطوان في مقال نشرته صحيفة رأي اليوم إلى قصف أهداف عسكرية في مدن سورية عدة، ولكنها المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مطار دمشق الدولي المدني، وبعد يوم واحد من خطاب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، الذي قال فيه إن محور المقاومة سيرد على أي عدوان إسرائيلي في العمق السوري، وإن مقولة الرد على العدو في المكان والزمان المناسبين سقطت إلى غير رجعة.
وأضاف الكاتب: سورية لا تخاف الحرب، وخاضت أكثر من أربع منها في السنوات الأربعين الماضية، إضافة إلى حرب داخلية استنزافية منذ 11 عامًا، تقف خلفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهم العرب، أنفقوا مئات المليارات من الدولارات لتدميرها وتفتيتها وإسقاط نظامها، ولكنها لم تسقط ولم تستسلم، ولا نعتقد أنها يمكن أن تخشى حرباً جديدةً، خاصة بعد أن أصبحت تملك جيشاً صلباً عصياً على الهزيمة، ويملك خبرة عسكرية ميدانية عالية جداً، والأهم من كل ذلك انتماؤها إلى محور مقاومة يملك أذرعاً متعددة، وترسانة هائلة من الصواريخ والغواصات والطائرات المسيرة.
وتابع عطوان: احتمالات الرد على هذا العدوان الإسرائيلي السافر أكبر بكثير في رأينا من احتمالات الصمت وعدم الرد، حتى لو أدى هذا الرد إلى حرب شاملة، ولكنه لا يمكن ولا يجب أن يأتي عشوائياً ويتطلب التنسيق والتشاور مع جميع أطراف محور المقاومة، ووضع خطة ردع تتوزع فيها الأدوار وتتكامل، والأمر قد يحتاج بعض الصبر وعدم التهور حتى تأتي النتائج إيجابية ومشرفة.
وقال الكاتب: سورية لم تختر الحرب، ولم تبادر إلى العدوان وتحلت بأعلى درجات ضبط النفس، ولكن بعد أن وصلت السكين إلى العظم، وبات ضبط النفس يعطي نتائج عكسية تماماً، ويطيل أمد حصار قاتل، ولهذا يجب وضع الخلافات جانباً وأن يقف جميع الشرفاء في خندقها، وهي التي لم تخذل أحداً، وكانت دائماً في مقدمة المدافعين عن هذه الأمة وقضاياها العادلة، وقدمت الآلاف من الشهداء، وخسرت أرضاً، ورفضت المساومة والاستسلام والتطبيع ودفعت أثماناً غالية جداً مقابل القبض على جمر الثوابت العربية والإسلامية.
وختم الكاتب: وقفنا وسنقف في خندق سورية، في التصدي لهذا العدوان الإسرائيلي، والرد عليه بالقدر نفسه إن لم يكن أكثر، ولا شك أنها -وهي التي واجهت على مدى ثمانية آلاف عام من تاريخها الحضاري المشرف الكثير من العدوانات- ستخرج منتصرة مثل معظم المعارك والحروب السابقة.