الإعلام تايم -لصحافة
نشرت صحيفة (هآرتس) الصهيونية مقالاً لرئيس الموساد الأسبق شافيط ، أن "الشرق الأوسط، الذي تمّ ترسيم حدوده في اتفاقية "سايكس بيكو" عام 1916، لم يعد قائمًا، وبدلاً منه تجري عملية تاريخية ديناميكية جديدة، متعددة اللاعبين، المحليين والإقليميين والعالميين، والتي سترسم حدودًا جديدة لمستقبل المنطقة، فكل هؤلاء اللاعبين ينشطون في العملية التاريخية وكل منهم يسعى للحفاظ على مصالحه الحيوية، و"إسرائيل" هي اللاعب الوحيد الذي لا ينسجم مع العملية التاريخية التي تتشكل أمام أعيننا، حيث إنّ السياسة المعلنة للحكومة "الإسرائيلية "هي عدم التدخل في ما يجري في الشرق الأوسط، من خلال التفكير الأحمق بأننا قادرون على اجتياز عملية التغيير دون أن نتعرض للضرر، بل هناك من يدعون أننا سنخرج من ذلك أقوياء.
وأضافت الصحيفة أنّه "وبسبب كثرة التركيز على الأمور الهامشية وما لا فائدة منه، فشل قادتنا برؤية تطوّر التهديد الشامل لإسرائيل"، مُعتبرًا أنّ مستوى التهديد الشامل لإسرائيل يتصاعد، لأننّا لا نسيطر أوْ نملك روافع للتأثير عليه، مُشدّدًا على أنّه إذا تواصلت الظروف الحالية طوال فترة ولاية ترامب، سيعيدنا تدحرج التهديد إلى نقطة الضياع.
وذكرت الصحيفة ووفقًا لـ شافيط، أن روسيا كانت ولا تزال معادية "لإسرائيل"، ومن الواضح أنها ستكون كذلك في المستقبل، لافتًا إلى أنّ المحفز الذي يحرّك فلاديمير بوتين منذ وصوله إلى السلطة هو استعادة مكانتها كقوة عظمى ورأى أنّه تاريخيًا، كانت روسيا معاديةً لإيران، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت حليفتها، على الأقل في سياق منطقة الشرق الأوسط، وأوضح أنّه وفقًا لمبررات تشكيل الإستراتيجيّة الروسية، طالما ترفض أمريكا الاعتراف بها كقوة عظمى ذات مكانة متساوية، فإنّ روسيا ستبذل كلّ جهد ممكن للوصول إلى مثل هذا الوضع بقواها الذاتية، إنّها لا تخجل من اللجوء إلى كل التدابير لكي تحقق هدفها، على حدّ تعبيره.
وزعم أنّ إيران لم تتراجع عن سعيها للوصول إلى قدرة نووية عسكرية، وتواصل تطوير كلّ مكون من هذه القدرة، لا يشمله الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى العالمية، مؤكّدًا أنّ إيران النووية تشكل تهديدًا وجوديًا "لإسرائيل".
وأضافت الصحيفة أنه وبالنسبة لتركيا، اعتبر "شافيط" أنّها دولة ذات نظام إسلامي معادِ لا يمكن الثقة فيها، ورئيسها اردوغان، يطمح لإعادتها إلى أيام الإمبراطورية العثمانية المجيدة، وهي قوة عظمى إقليمية لا تقل عن إيران.
أمّا أوروبا فرغم الضائقات الكثيرة التي تواجهها، لا تغيّر مواقفها المعادية لإسرائيل في كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيليّ- الفلسطيني والاحتلال، والصين ترى في إسرائيل مشروع تكنولوجيا فائقة معروض للبيع وتحقق مفهومها هذا بهدوء، بالتدريج ولكن بثقة، وصناع القرارات لدينا، لم يحددوا بعد ما الذي لن يبيعوه للصينيين.
وتابعت الصحيفة أن شافيط قال: ٍبحسب مفاهيم ترامب فإنّ السعودية المستعدة للتوقيع معه على صفقات لشراء الأسلحة بحجم مالي خيالي، هي الولد الجيد في الحي، مُوضحًا: يُحظر الاعتماد على ترامب، حيث إن القول إسرائيل وأمريكا هما حليفان تاريخيان إلى الأبد غير قابل للتطبيق، طالما يجلس في البيت الأبيض شخص محموم وغير متوقع، كما أكّد وحذّر من أنّه إذا تواصلت الظروف الحالية طوال فترة ولاية ترامب، سيعيدنا تدحرج التهديد إلى نقطة الضياع في حرب الأيام الستة والتهديد باستخدام السلاح الاستراتيجيّ.
وأورد شبيط في مقاله سيناريوهين: الأول يتحدث عن التوصل إلى ترتيبات أوْ اتفاق سلام، وفي جوهره اقتراح الجامعة العربية منذ عام 2002 كأساس للمفاوضات، إسرائيل والولايات المتحدة تتوصلان، خلال محادثات سرية، إلى تفاهمات على أساس اقتراح الجامعة العربية، حتى وإنْ بقيت فجوات بينهما، وواشنطن تجند دعم السعودية ومصر والأردن ودول الخليج، وتقوم ما أسماها الكتلة المعتدلة بقيادة السعودية بشرح أوْ إقناع أوْ فرض هذه التفاهمات على أبو مازن. وفي المرحلة القادمة ستجلس إسرائيل والفلسطينيين سرًا للعمل على صياغة تفاصيل الاتفاق النهائي، وسترافق الولايات المتحدة و”الكتلة المعتدلة” المفاوضات.
أمّا سيناريو الآخرة، بحسبه، فيقول أنّ حكومة "إسرائيل" تُواصل الانحراف يمينًا، وتواصل تطوير المستوطنات وتفرض القانون الزاحف على الضفة الغربية بهدف ضمها، و"إسرائيل" سترتسم كدولة أبرتهايد وستُواجه مسارات المقاطعة والعقوبات، والتهديد العسكري سيتزايد والإعمال الإرهابية” من الضفّة وغزة ستشتد. وسيتم تسريع إرسال الأسلحة من إيران إلى حزب الله، وستهدد روسيا إسرائيل بأنّها ستُهاجم طائراتها إذا حلقت في الأجواء السورية واللبنانية.
واختتم قائلاً إنّ إيران ستُعلن عن تجديد إنتاج اليورانيوم المخصب، وسترسل سرًا المستشارين العسكريين إلى غزة لمساعدة حماس، وستصرخ "إسرائيل" وتطالب واشنطن بالتدخل، وسيُبلغ ترامب رئيس الحكومة بأنّه يتعامل مع الصراع كصفقة عقارات، على حدّ تعبيره.