طالبت وزارة الأوقاف تطبيق بنود "ميثاق الشرف الديني" الذي أطلقته في مؤتمر أقامته في دمشق بحضور واسع من علماء وأئمة ودعاة سورية، واعتماد المحبة والتسامح واللطف بدلاً من الكراهية والعنف ومبدأ الحوار والتفاهم بديلاً عن الشجار والتصادم ، والتزام منهج التعارف والتعاون والإخاء عوضاً عن التنافر والتنازع والإقصاء، متعهدة بمتابعة تنفيذ بنود هذا الميثاق على أرض الواقع.
وبحسب ما أعلنته الوزارة فإن قضية الخطاب الديني تحتل أهمية كبرى في العصر الحاضر نظراً لما يشوب هذه القضية من التباس ، ولِمَاْ يكتنفها من تشويه أخرجها أحياناً عن جادة الصواب وأبعدها عن مقاصدها السامية من قبل فريق استغل الخطاب الديني لتحقيق مآرب سياسية، وأخر رأى أن أي محاولة لتجديد الخطاب الديني تُعد نوعاً من المروق من الدين، أما فريق ثالث استغل قضية التجديد وجعلها حجةً للعبث بأصول الإسلام وتغيير ثوابته.
وأمام هذه التحديات الكبرى وما تتعرض له الأمة من هجمة تكفيرية وصهيونية كان لا بد لنا من وضع هذه الوثيقة لتكون أساساً وميثاقاً لتطوير الخطاب الديني في سورية والعالم العربي والإسلامي ، وطرحها على كافة المرجعيات الدينية في الأمة العربية والإسلامية بعد أن اعتمدت من قِبل كافة علماء سوريةَ .
وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد أكد خلال لقائه علماء دمشق أهمية إطلاق وثيقة تطوير الخطاب الديني "ميثاق الشرف الديني" في هذه المرحلة بالذات حيث يتصدى شعبنا ووطننا إلى حملات التضليل والإرهاب التي تطلقها عصابات التكفير والإلحاد والتي تقف وراءها الامبريالية والصهيونية العالمية وأدواتهما من الخوارج الوهابية والرجعية العربية.
وأشار الوزير السيد إلى أهمية الوثيقة التي أعدها كبار العلماء والداعيات في سورية استكمالا لما قامت به الوزارة من إطلاق مشروعي "فقه الازمة" و"فضيلة"وتطوير مناهج التعليم الشرعي، مؤكدا أن سورية ستنتصر بصمود جيشها وعلمائها ودعاتها وداعياتها وقيادتها الحكيمة وستظل منبراً للدين الإسلامي الصحيح كما أنزله الله سبحانه وتعالى.
واعتبرت الوزارة أن "ميثاق الشرف الديني" جاء كضرورة لتطوير الخطاب الديني وهو أمانة دينية شرعية ووطنية وضرورة ملحة لمواكبة العصر ولمواجهة المشروع التكفيري الظلامي أو أي فهم غير صحيح ينافي نصوص الإسلام، كما أنَّ تطوير الخطاب الديني يعني تطوير الوسائل واستخدام المفردات والمصطلحات المناسبة للعصر والاستفادة من وسائل الاتصال والإعلام والتقانة لتقديم النافع والمفيد وزرع المحبة والإخاء لدى أكبر شريحة من الناس .
وركز الميثاق على أولوية احترام النفس البشرية وصيانتها وحرمة الدماء والأموال والأعراض وحرية المعتقد والتفكير، واعتماد الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني منهاجاً راسخاً والابتعاد عن التعصب للآراء في المسائل الخلافية ومحاربة الأفكار المتطرفة والغلو والتشدد في الأحكام الشرعية، وإظهار ارتباط الشريعة الإسلامية بالأخلاق وربط العقيدة بالسلوك والتشريعات بالشمائل والأخلاق والسيرة النبوية .
كما جاء في الميثاق "الإخوة المسيحيون أبناء الوطن ، شركاء في المواطنة ، والعيش المشترك نحترم مقدساتهم وكنائسهم وشعائرهم الدينية، والتأكيد على أنَّ العلوم الشرعية علوم دقيقة تحتاج إلى تخصص ، ومن الخطأ الكبير الخوض في المسائل الشرعية الاجتهادية أو الفقهية ممن لا يحملون هذه العلوم ، والتفريق بين الدعاة والعلماء، ومنع استغلال الخطاب الديني لخدمة اتجاهات أو مصالح سياسة شخصية أو فئوية، مع تجنب الإساءة إلى العقائد والأديان والمذاهب وأعلام الأمة وشخصياتها ورموزها قديماً وحديثاً تصريحاً أو تلميحاً .
كما دعا الميثاق الى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية ووجوب اتجاه الخطاب الديني المعاصر إلى إقناع العقل، وترسيخ المعاني الوطنية ، وإشاعة روح التسامح والمودة بين أبناء الوطن جميعاً ، واحترام حق التعددية الاعتقادية والفكرية في ضوء الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع بما لا يخل بأمنه الوطني .
فيماركز على تكوين الدعاة علمياً وفكرياً وثقافياً وروحياً وسلوكياً، وتعاون المؤسسات الدينية والعلمية والتعليمية والتربوية والفكرية والثقافية والفنية والإعلامية على إنتاج خطاب عقلي وعلمي وثقافي وديني وتربوي وإعلامي وطني يتناسب مع ظروف العصر وحجم التحديات، ومتابعة تخريج داعيات فقيهات مثقفات يعملن على تصحيح الأفكار الخاطئة، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا المرأة والطفل بما يتفق مع تعاليم الإسلام الصحيحة تبني خطاب ثقافي ديني فكري سديد يرسخ مفاهيم الولاء الوطني في مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية الدولية التي لا تؤمن بوطن ولا دولة وطنية ، وإنما تبحث عن خلافة أو سلطة مزعومة أو متوهمة لا تخدم مصالح الوطن والأمة العربية والإسلامية ، بل تعمل على هدمها لصالح قوى الاستعمار الجديد التي توظف هذه التنظيمات وتدعمها مادياً ومعنوياً .
وأكد الميثاق على حشد طاقات المجتمع كله لمعالجة الفكر المتطرف والمتفلت على حد سواء ، ودعم قضايا العمل والإنتاج ، والعدالة الاجتماعية ، ومكافحة الفساد ، والقضاء على البطالة والفقر بما يفجر طاقات المجتمع وإبداعاته للوصول إلى الأمن والاستقرار والازدهار والعيش الكريم في ظل الفكر الإسلامي القويم، والإفادة القصوى من وسائل الإعلام المختلفة ، وتوظيف الأعمال الفنية والإبداعية لنشر القيم النبيلة ، وإنتاج أعمال تدعم القيم الأخلاقية والإنسانية الراقية التي جاء بها الإسلام والرسالات السماوية ، وبخاصة في مجال ثقافة الطفل والمرأة والأسرة والمجتمع .
خاص_مركز الاعلام الالكتروني