قال للشرطي: "أرجو أن تفتح لي الطريق؛ لأنّي أحمل معونات عاجلة، وأريد أن أصل إلى حلب قبل الغروب". ابتسم الشرطي وقال له: " كل هذا الرتل من السيارات أمامك يحمل إغاثات، ومتجه إلى حلب واللاذقية وحماه وجبلة".
قال محدثي: "كنت منهمكاً بترتيب كل ما جادت به الأيادي الخيّرة، وخلال لحظات، جمعوا من بيوتهم ما عجزت عن توضيبه ولكن، حين نظرت أمامي، ورأيت رتلاً لا متناهياً متجهاً إلى أهداف ونقاط عديدة، بعضها في دمشق، من مراكز تجميع المعونات، وبعضها في المناطق المنكوبة، بزغ ضوء جميل في داخلي، وهمسة في أذنيّ تقول: هل أيقنت الآن أن سورية لا تُقهر، وهل أدركت اليوم سرّ استمرار هذا البلد لآلاف السنين، ومنذ بداية الحضارة الإنسانية؟ إنه العيش المشترك والتلاحم والتراحم بين أبنائه المؤمنين بإله واحد للبشرية جمعاء، وأن معيار الإيمان الحقيقي هو رأفة الإنسان بالإنسان والعمل الصالح وإغاثة الملهوف والمنكوب، لا يفرّق بينهم لا دين ولا عرق ولا طائفة، بل جميعهم على قلب رجل واحد".