ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في مقال نشرته أمس الثلاثاء 04 آب، على موقعها الإلكتروني، أن المسؤولين الأمريكيين المعنيين بمكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما منقسمون في الرأي بشأن تحديد ما إذا كان تنظيم "داعش" الإرهابي أم تنظيم "القاعدة" بفروعه، هو التنظيم الإرهابي الأكثر تهديداً للأمن القومن الأمريكي.
حيث يعكس هذا الانقسام القلق المتزايد بشأن الخطر الذي يشكله تنظيم "داعش"، بسبب حملاته، غير المسبوقة، على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام رسائل فورية متطورة لحث العديد من أتباع التنظيم على شن هجمات إرهابية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وترى الصحيفة أن هذا الانقسام لا يُعد مجرد جدالاً أكاديمياً، وإنما تكمن أهميته في مدى تأثيره على ما تخصصه الحكومة الأمريكية من مليارات الدولارات للانفاق على مكافحة الإرهاب، فضلاً عن تعيين الآلاف من العملاء الفيدراليين ومحللي الاستخبارات وتخصيص قوات لمكافحة التهديد المتعدد الجوانب الذي "يتغير بسرعة" كما يقول كبار المسؤولين.
وبحسب الصحيفة، حفزت هذه القضية بالفعل البيت الأبيض لمراجعة سياسته لمكافحة إرهاب التنظيم، كما طالب المجلس القومي لمكافحة الإرهاب المحللين،بالتركيز على ما يتعلق بتنظيم داعش الإرهابي، كما قام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "أف بي أي" بوضع العديد من الأشخاص تحت المراقبة في تحقيقات تتعلق بالإرهاب، ومعظمها ترتبط بتنظيم "داعش" الإرهابي، وتم تكليف فرق جنائية لرصد المشتبه في صلتهم بهذا التنظيم الإرهابي.
وتقول الصحيفة: "يرى المسؤولون الأمريكيون أنه لا توجد اختلافات جوهرية بين من يعتقدون أن تنظيم "القاعدة" هو التهديد الأكثر خطورة للولايات المتحدة، وهؤلاء الذين يرون أن تنظيم "داعش" يُعد الأكثر تهديداً، إذ أن "القاعدة وداعش" بالفعل يُعدان خطراً مثيراً للقلق، وتكمن القضية في تحويل التركيز والاهتمام.
وتلفت الصحيفة إلى أنه يبدو أن البيت الأبيض يميل إلى اعتبار تنظيم "داعش" الأكثر خطورة، إذ وصفت ليزا موناكو مستشارة الرئيس أوباما للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب داعش أخيراً بأنه "تهديداً فريداً للولايات المتحدة".
و تضيف الصحيفة : "من الصعب تحديد المبالغ التي تنفقها الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب، حيث إن الجهات الفاعلة والوكالات الرئيسية "التي تتضمن القوات الأمريكية ومحللي الاستخبارات المركزية الأمريكية والعملاء الفيدراليون وغيرهم" يقومون بتنفيذ مهام أخرى بجانب مكافحة الإرهاب"، ووفقاً لتصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين، فإن برامج مكافحة الإرهاب يعمل بها ما يقرب من ربع الموظفين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والوكالات الأخرى البالغ عددهم 100 ألف موظف، كما تستنزف تلك البرامج حوالي ثلث ميزانية الاستخبارات السنوية البالغ قدرها 50 مليار دولار سنوياً".
وتضيف نيويورك تايمز: "يقوم ما يقرب من 3.400 جندي أمريكي في العراق بمساعدة العراقيين في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، بينما تضم القوات الأمريكية في أفغانستان حوالي 9.800 جندي يساعدون أفراد الأمن في البلاد على مواجهة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وغيرهم من الجماعات الإرهابية الموجودة في أفغانستان".
وتتوقع الصحيفة أن تكتسب هذه القضية أهمية متزايدة في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016، إذ ينتقد المرشحون للحزب الجمهوري إدارة أوباما لفشلها في التنبأ بصعود تنظيم "داعش" من رماد الحرب في العراق، كما يتهمونها بالتقصير في الانتهاء من مهمتها بنجاح في العراق.
وتخلص نيويورك تايمز إلى اتفاق مسؤولي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب الحاليين والسابقين، وكذلك بعض النواب، على حقيقة أن تنظيم "داعش" يمثل تهديداً حقيقياً، بيد أن ثمة تهديداً كلياً معقداً للتنظيمات الإرهابية يتطلب استراتيجية مختلفة تتعامل مع تنظيم داعش الذي يركز على كمية الهجمات التي يتم توجيهها، بينما يركز تنظيم القاعدة على نوعية الهجمات من حيث مقدار الخسائر.
وفي الوقت الذي يستحوذ فيه تنظيم داعش على الاهتمام الإعلامي ويتفوق في الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن تنظيم القاعدة، لاسيما فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربية واليمن، هو الأقدر على تنظيم وتنفيذ الهجمات ذات النطاق الأكبر.
مركز الإعلام الإلكتروني