انتقد الكاتب باتريك كوكبرن في مقال نشرته صحيفة (الأندبندنت) البريطانية، الصفقة التي عقدها أوباما مع أنقرة مؤخراً بشأن السماح للقاذفات الأمريكية باستخدام قاعدة "أنجرليك" التركية، لدحر تنظيم "داعش"، مؤكداً على أن هذه الصفقة خيانة للأكراد الذين يحاربون "داعش" بضراوة بدعم من القوات الجوية الأمريكية.
كاتب المقال أشار إلى أن اتفاق أوباما مع تركيا لن يكون ضربة قاتلة لتنظيم "داعش" ولن يساهم حتى في إضعافه، ووصفه بأنه اتفاق "ضعيف" سيؤدى إلى انتشار أعمال العنف الناجمة عن الحروب في العراق وسورية إلى داخل الأراضي التركية، إضافة إلى إشعال الحرب الأهلية الكردية - التركية التي كانت في طريقها إلى الزوال.
استهل كوكبرن مقاله: "تبدو هذه الصفقة في غاية الغرابة"؛ إذ تحدث المسؤولون الأمريكيون - عند إعلان هذا الاتفاق منذ أسبوع مضى – بافتخار شديد وأعربوا أن هذا الاتفاق بمثابة (تغير لقواعد اللعبة) في الحرب ضد "داعش".
ويضيف كوكبرن، أن الطائرات التركية لا تقصف سوى المواقع التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني، في منطقة جبال قنديل والمناطق الأخرى في شمال العراق. أما داخل تركيا، فإن غالبية المعتقلين، من قبل قوات الأمن، هم الأكراد أو المعارضة وليسوا المشتبه بهم للتعاطف مع تنظيم "داعش".
وهناك ملاحقات قضائية، ضد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والذي لم يدخر جهداً لمناصرة عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية.
وبحسب كوكبرن، فإن التهمة التي تلاحق أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي هي الفوز بنسبة 13% في الانتخابات التركية الأخيرة، وحرمان حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، من الأغلبية البرلمانية للمرة الأولى منذ عام 2002.
كما يرى الكاتب أن هناك نقاطا محورية في الصفقة الأمريكية التركية، لم يتم الاتفاق عليها وقت إعلان ذلك الاتفاق التاريخي ما بين الولايات المتحدة وتركيا.
ويوضح أن سلاح الجو الأمريكي كان يتطلع بشدة إلى استخدام قاعدة أنجرليك التي تبتعد مسافة 60 ميلاً فقط عن الحدود السورية؛ وذلك من أجل تكثيف القصف ضد تنظيم "داعش"، حيث تقوم الطائرات الأمريكية في الوقت الحالي بقطع مسافات طويلة من البحرين والأردن وحاملة الطائرات في الخليج.
وقد أدى فشل الحملة الجوية الأمريكية لمنع "داعش"، من السيطرة على كل من الرمادي وتدمر خلال شهر مايو (أيار) الماضي، إلى مضاعفة الشعور بالحاجة الملحة إلى استخدام القاعدة التركية.
ويلفت أنه حتى الأن لم تبدأ الطائرات الأمريكية في استخدام قاعدة أنجرليك، ويرجع ذلك أن تركيا ترفض استخدام قاعدتها الجوية لشن ضربات جوية تدعم الأكراد السوريين على الرغم من أنهم الحلفاء العسكريين الأكثر فاعلية للولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".
ينوه كوكبرن أن تنظيم "داعش" لم ينزعج من انضمام تركيا إلى الحرب ضده، ولم يخشى التنظيم من "تغير قواعد اللعبة"؛ حيث إن الضربات التركية تصب في مصلحة التنظيم الذي يرحب بالقصف الجوي التركي على مواقع حزب العمال الكردستاني.
ويختتم كوكبرن مقاله: "فيما يتعلق باستقرار المنطقة، يمكن القول أن الرئيس باراك أوباما قام بإبرام اتفاق ضعيف مع تركيا، لن يكون ضربة قاتلة لتنظيم "داعش" أو حتى يساهم في إضعافه، وإنما يتسبب في إضعاف الأكراد وهم المعارضين الأشد صرامة لارهابي" داعش"، وسوف تنتشر أعمال العنف الناجمة عن الحروب في العراق وسورية إلى داخل تركيا، وسوف يشعل الحرب الأهلية الكردية التركية التي كانت في طريقها إلى الزوال، ربما تغيرت بالفعل قواعد اللعبة، ولكن بات السلام بعيد المنال".
مركز الإعلام الإلكتروني