تشكل منطقة شرق الفرات ساحة صراع متشابكة في ظل وجود قوى عدة، ولا تبدو الأحداث المتجددة في الحسكة حيث تحاصر ميليشيا قسد المرتبطة بالاحتلال الأمريكي المدينة وتوقف إنتاج الخبز فيها، معزولة عن التطوّرات الإقليمية والدولية.
وتذكر الأحداث الحالية –بحسب جريدة الأخبار اللبنانية- بمحاولات جرت خلال الشهور الماضية للتضييق على مناطق سيطرة الحكومة السورية في الحسكة، ويأتي التصعيد الجديد بالتزامن مع ارتفاع مستوى التوتر الروسي – الأميركي على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، والعملية المضادة التي تقودها واشنطن لإفشال موسكو ومحاصرتها.
وقالت الصحيفة: التوجه الأمريكي الذي كان يراد منه إبقاء الوضع الميداني في سورية (وجود مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة) على حاله، بما يحصّن الوجود الأميركي هناك، اصطدم بمعوّقات عدة، أبرزها الموقف السوري - الروسي المتشدّد حيال الوجود الأميركي، والموقف التركي الرافض لـ"قسد"، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية التي تنفّذها فصائل محلّية ضدّ المواقع الأميركية، التي تتّهم واشنطن طهران بالوقوف وراءها، حيث باتت تشكّل هذه العمليات تهديداً حقيقياً للقوات الأميركية، التي ظلّت حتى وقت قريب بعيدة من الاستهداف.
وتابعت الصحيفة: ويبدو أن التطورات الأخيرة والمتسارعة دفعت الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها في سورية بشكل عام، الأمر الذي ظهر بشكل واضح عن طريق إعادة إحياء مشروع تدريب قوات خاصة لحماية المصالح الأميركية، وهو مشروع كان قد بدأ خلال فترة حُكم ترامب -الذي انصبّ اهتمامه على سرقة النفط السوري- وأُهمل بداية تولّي بايدن الحكم.
وأكدت الصحيفة أنه وخلال الشهرَين الماضيين، وتحت عباءة (محاربة الإرهاب)، أعادت الولايات المتحدة تفعيل مشروع بناء فصائل وميليشيات خاصة تابعة لها لحماية مصالحها، الأمر الذي يفسر التدريبات والمناورات المكثفة التي تجريها بشكل مستمر في محيط المناطق النفطية في الشرق السوري، بعد ضمان تمرير بند واضح في تفويض الدفاع الوطني الأميركي للسنة المالية 2022 -والذي وقعه بايدن في شهر كانون الأول نهاية العام الماضي- خصّص مبلغ 177 مليون دولار لعمليات التدريب.
وختمت الصحيفة: ووسط حالة "الفوضى" التي تخلقها الولايات المتحدة وتستثمرها في مناطق شرق الفرات، تحاول ميليشيا قسد إحكام سيطرتها، أملاً بنجاح مساعيها لفرض نفسها كأمر واقع، أيّاً كانت نتائج المسارات السياسية للحلّ في سورية، وتشكّل أحداث الحسكة الحالية (بالون اختبار) يقيس رد الفعل السوري والروسي، والتي يبدو أنها لا تزال حتى الآن هادئة وبعيدة من الانزلاق إلى مواجهات عسكرية غير محضّر لها تخلق مزيداً من الفوضى.