وجهات نظر

تاريخ متجذر من العلاقات.. الصين شريك موثوق

د. منذر علي أحمد


تبدي حفاوة الاستقبال ما لا يستطيع المتربصون أن ينطقوه، فسورية حاضرة في عمق التاريخ عبر بوابة أكبر دولة في قارة آسيا والكتلة الجغرافية المتكاملة في منطقة شرق القارة.


الصين القوة الإقليمة الكبيرة، والحضارة العريقة، والاقتصاد المتين التي استقبلت الرئيس بشار الأسد وعقيلته في زيارة رسمية تتجه نحو تعميق علاقاتها بسورية والارتقاء بها لتكون في أفضل مستوياتها، وتعود بالفائدة على الشعبين الصيني والسوري.

إن العلاقات السورية الصينية علاقات راسخة ومتجذرة عبر التاريخ تعود إلى 67 عاماً وتقوم على المبادئ المشتركة بدعم القضايا العادلة للشعوب، وتكريس الحق والتوازن في العلاقات الدولية، أعطتها زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الصين عام 2004 دفعاً إيجابياً جديداً وحدد خطوات أكملتها زيارة سيادته منذ أيام بدعوة رسمية من الرئيس الصيني شي جين بينغ.

زيارة مهمة جداً رفعت مستوى العلاقات الثنائية إلى "شراكة استراتيجية" كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ، وأيضاً أظهرت حجم التعاون بين البلدين الذي لم يكن وليد اليوم، فوُقعت الاتفاقيات التي يُنتظر ترسيخها بشكل واضح مع قرب نهاية الحرب وانتهاء العمليات العسكرية إلى حد كبير في كثير من المناطق.

عد المحللون زيارة الرئيس الأسد إلى الصين خطوة جديدة نحو فك عزلة سورية الدولية مستشهدين بما قاله الرئيس الصيني بأن بلاده وسورية ستقيمان شراكة استراتيجية وستعملان على تعزيز الصداقة والتعاون وأن بكين ستدعم سورية في إعادة الإعمار وتعزيز بناء القدرة على مكافحة الإرهاب، وهذا صحيح تماماً إذ إن الصين شريك موثوق لاسيما في المجال الاقتصادي ولطالما ساندت بكين سورية في المحافل الدولية منذ اندلاع الحرب ٢٠١١ حيث استخدمت الصين حق النقض في مجلس الأمن ضد قرارات سعت إلى فرض عقوبات على الحكومة السورية، كما تأتي زيارة الرئيس الأسد في وقت تلعب فيه بكين دوراً اقتصادياً متنامياً في الشرق الأوسط المتمثل بخطتها بشأن طريق الحرير المعروفة بمبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني عام 2013، وانضمت إليها سورية رسمياً مطلع عام 2022، وتشكل سورية بعداً استراتيجياً بالنسبة إلى الصين قائدة المبادرة التي تشكل فيها سورية محوراً أساسياً، وترى الصين في هذه المبادرة نافذة أساسية على المتوسط عبر سورية ومنها إلى العالم.

لا يخفى دور الصين في النهوض بالعلاقات السورية العربية، وهي تدعو اليوم إلى عالم متعدد الأقطاب، وهذا الأمر يخدم المصلحة المشتركة للجميع، ولما كانت الصين أكبر مستورد للنفط العربي وأكبر مصدر للشرق الأوسط، فإنها تدعو بشكل مستمر إلى أن تكون العلاقات الاقتصادية محور التلاقي بين الدول العربية، فعملية التكامل الاقتصادية ستسهم في حل الخلافات ضمن المنطقة.

عشرات وثائق التعاون الاستراتيجية بين سورية والصين على مدى سنوات شملت مجالات عديدة سياسية واقتصادية وتجارية وخدمية، تضع الصين موضع البلد الحليف الذي لم يتوان يوماً عن دعم سورية وتقديم العون لها قبل محنتها وفي أثنائها وبعدها كما يُقرأ بين سطور الزيارة التاريخية للرئيس الأسد، نعم إنها زيارة تاريخية ثبتت أوتاداً سياسية واقتصادية ورياضية، ولعل حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في خانجو الصينية بكل سوري حضره يحمل في طياته ما يحمل لعصر جديد يكتب شرقاً.  

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=95798