وجهات نظر

آن لسورية أن تدقق الحسابات

فؤاد البطاينة


كتب الكاتب الأردني فؤاد البطاينة في صحيفة رأي اليوم تحت عنوان "آن لسورية أن تدقق الحسابات وتكاشف أصدقاءها.. لديها أولوية وهذه مبرراتها":

 

كان الهدف من غزو سورية هو تغيير نظامها بآخرَ يتولى ضم سورية للمعسكر الصهيو-عربي. بمعنى أعمق كانت الغاية هي النيل من سورية الدولة والسياسة والرفض والتاريخ والمصير. أمّا الإطاحة بنظامها فهو الآلية. إلا أن هذا الغزو جرّ معه تدخلات عسكرية أخرى وتوازنات عسكرية متضاربة الأهداف، أدت لتوسيع الحرب ولتدمير كبير واحتلالات أجنبية لأراضي سورية تنال من سيادتها وتنهب مقدراتها ومواردها، وإلى إضعافها عسكرياً واقتصادياً، ولتشريد واسع لمواطنيها. وتوقفت الحرب على هذا الوضع وتداعياته ولكن بفشل الغزو في تحقيق هدفه وغايته.
ويبدو أن هذا الوضع الذي ما زال قائماً كان كافياً لكل الأطراف على الساحة كمرحلة لها سيرورة نحو تحقيق أهدافها. ففيه أمريكا تحتل شرق وشمال شرق سورية وتستولي على نفطه وموارده الزراعية. وتركيا تحتل أراضي أقصى الشمال وتغيّر ديموغرافيتها وتؤسس لمستعمرة تركية، وترعى فصائل إرهابية وتستغل اللاجئين السوريين. والأكراد يقيمون كياناً انفصالياً برعاية أمريكا.والكيان الخزري المتأسرل يمتلك تصريحاً من كل الاحتلالات بحرية الهجمات على سورية.

 

فالأزمة السورية تُعَرّف بعناوين مختلفة، لكني أعرِّفها بعنوان رئيسي من شقين، الأول وجود احتلالات أجنبية على الأرض السورية تَستخدم وتستعين بالإرهاب وبتشكيلات سورية عميلة لتحقيق غاياتها السياسية. والشق الثاني هو ترك سورية ضعيفة اقتصادياً بلا موارد كافية ومحاصرةً.

 

وما غير ذلك من عناوين سياسية محلية أو دولية، فهي أمريكية صهيونية فاسدة الأهداف والتوقيت. فما دامت الاحتلالات قائمة فلن يكون طرح البرامج السياسية والتعامل معها ومع الشأن المحلي إلّا محل استغلال لصالح الاحتلالات وأهدافها. ومن غير الممكن تسوية أي مسألة سورية وطنية كانت أو قومية أو إعادة إعمار بوجود هذه الاحتلالات. فلا أمريكا ولا حلفاؤها ولا تركيا سيكونون بمنأى عن التدخل لفرض أجنداتهم ما داموا محتلين ويمثلهم عملاؤهم من السوريين. ولو انخرط السوريون افتراضاً خاطئاً بأي عملية سياسية أو اصلاحية حرة، أو بعملية وفاق وطني بعيداً عن أهداف المحتلين فلن يدخر عندها المحتلون جهداً أو تعبئة إرهابية أو فتنوية لمنعها وتخريبها وتعميق الأزمة.

 

ولذلك فإن أولوية إزالة الاحتلالات وعلى الأخص الأمريكي تَفرض نفسها كمنطلق وحده الضامن لنجاح أي عمل سياسي محلي وطني ولإعادة البناء المادي والسياسي والصمود. فلا استقرار ولا بناء مع الاحتلال، وما تقديم أولوية أخرى على هذه الأولوية إلّا عبث يعود على سورية بمردود سلبي. فأمريكا لها مخططاتها.

 

والمُستجد أن أمريكا المرتاحة للوضع القائم في سورية وتؤخر معركة الحسم لمخطط الشرق الأوسط الجديد، بدأت تتحرك وأصبحت أكثر حاجة للضغط على القيادة السورية وحزب الله وصنع أزمات داخلية لتمتين وتوسيع سيطرتها على الأرض. حيث من المكشوف أنها بصدد السيطرة على كامل الحدود الشرقية السورية وزاويتها الجنوبية لحاجات استراتيجية تخص صراعها ربما الوشيك مع إيران وحزب الله. فسعي أمريكا لقطع خطوط التواصل بين مفاصل محور الرفض والمقاومة لخنق حزب الله لوجستياً هو من أعمال الحرب قد يقود لمواجهة مفتوحة في المنطقة. وما يحدث في السويداء ليس مجرد مشروع انفصال جديد بل عمل أمريكي \ بريطاني يصب في خدمة الصراع ومشروع حسمه.

 

لا أرى في ضوء مجمل مقالي من عمل للقيادة السورية يفوق أهمية الشروع في بناء مقاومة سورية شعبية مسلحة ضد الاحتلال الأمريكي مستعينة ً بخبرات وقدرات حزب الله المعني مباشرة. فالاستناد على مثل هذه المقاومة علاوة على أنه كفيل بدحر الإحتلال، فإنه سيخرجها أيضاً من حالة التعايش مع الأخطار، ويعزز من موقفها الدولي ومن هيبة ومهابة سورية وثقة الشعب في الداخل، ويُغير من نظرة النظام العربي الرسمي لها، سيما بعد فشل خيار التعويل على المطبعين وجامعتهم. وستكون هذه المقاومة الممأسسة جاذبة للسوريين من الخارج والداخل ومعززة لوحدتهم ورادعاً لعملاء مندسين كمحراك فتن داخلية كالتي نشهدها في السويداء.

 

المصدر: صحيفة رأي اليوم
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=95440