من واقع المؤتمرات التي شهدتها سنوات الأزمة السورية كانت السمة المشتركة فيها خاصة عندما ترعاها أوروبا دعوة طرف واحد وإنكار وجود أطراف أخرى مؤثرة، فالغربيون يحبون الحديث بهدوء وبصمت عن المشكلات الإنسانية التي يعاني منها الآخرون، وخير دليل على ذلك ما شهده مؤتمر بروكسل في إصداره السابع من تغييب وإنكار لأي دورللدولة السورية الممثل الشرعي عن السوريين بمختلف مشاربهم وأماكن تواجدهم سواء في الداخل أو الخارج.
علمياً يمكن القول إنه عندما تنفذ تجربة بالشروط نفسها والمعطيات نفسها ودون تغيير أي من العوامل والشروط الفيزيائية المحيطة بالتجربة فإنك ستحصل على النتائج نفسها (ومن الغباء توقع نتائج مختلفة عند إعادة التجربة مرة أخرى) أما في منطق السياسة فعندما تعيد التجربة نفسها مع إدراك أن جميع المعطيات المحيطة قد تغيرت فإنك تمارس نفاقاً سياسياً وتحيك خيوط مؤامرة جديدة وبالتالي لديك أهداف تبتغي تحقيقها... فكيف يمكن للنسخة السابعة لمؤتمر بروكسل أن تنكر الواقع الجديد المتمثل بالعودة المؤثرة لسورية إلى جامعة الدول العربية للعب دورها الفاعل؟ وكيف لهم أن يصموا آذانهم ولا تزال أصداء كلمة الرئيس بشار الأسد تتردد في قاعات القمة العربية في جدة، كما لا تزال صورة حرارة العناق واللقاء الذي جمعه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حاضرة تقض مضجع كل من لا يريد الخير لسورية وللأمتين العربية والإسلامية؟! وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي الذي يدعي حرصه على الحل السياسي في سورية أن ينكر تلك الحقائق ويدعي أنه يلتزم بتطبيق القرار 2254بالرغم من أنه من أكثر الدول التي تسعى لعدم الوصول إلى حل سياسي وفق ما ترتضيه أغلبية السوريين وليس ما يرتضيه قلة قليلة مرتهنة ببعض الممولين الخارجيين؟!
هذه الحال تنطبق اليوم على مؤتمر بروكسل الذي حمل زورا ًوبهتاناً شعار "دعماً لمستقبل سورية والمنطقة " وواقع حال السوريين منذ انطلاق شراراة المؤتمر الأول لأولئك المؤتمرين هو من سيئ إلى أسوأ.
من عام إلى آخر، يطلقون في بروكسل وواشنطن الوعود التي بالطبع لن تتحقق...العار والفضيحة صفتان يستحقهما الذين ما زالوا يراهنون على هذا المؤتمر وأمثاله، الذي تعهد بخطط للاستجابة الإنسانية في سورية تضرب كل عام أرقاماً قياسية فيما يتعلق بنسب التنفيذ والمنح وفي كل مرة الحجة واضحة وجاهزة هناك نقص حاد في التمويل، إن لم يكن لديك ذلك المال الذي تدعي بأنك ستقدمه، إذاً لمَ كل هذا النفاق السياسي والاستمرار في الإعلان عن تلك الأرقام الخلبية التي تدعون تقديمها في كل مؤتمر للسورييين؟ طبعا كل ذلك البذخ في المنح والعطاء يتم عبر الورق وفي المؤتمرات وإن صرف شيء منه فهو يذهب لمن يريديون كسب ولائه واستمرار تقديم خدماته لهم وضمان عمله ضد بلده لصالحهم.
وإذا ألقينا نظرة واقعية على مضمون بيان مؤتمر بروكسل السابع لدعم مستقبل سورية والمنطقة، وأجرينا مقارنة مع الواقع الميداني والخطوات التنفيذية على الأرض لأدركنا أن حاله كما جميع المؤتمرات (التي تدعي ظاهرياً بأنها تبحث عن حل للأزمة السورية) لم تكن إلا جبالاً تنجب فئراناً مشوهة، وأن الهدف من التوقيت هو توجيه رسائل لمختلف الأطراف بأن شيئاً ما لم يتغير ولم يحصل أي تبدل في الموقف الأوروبي تجاه المسألة السورية، وأن على المؤتمرين الاستمرار في تبني النهج القديم.
هذه المؤتمرات لا طائل منها طالما أنها عقدت وستعقد بتغييب متعمد للحكومة السورية وبدون دعوتها أو مشاركتها رغم أنها المعنية بشكل رئيس بأي حل جدي يمس الشعب السوري بكافة أطيافة وبكافة أماكن تواجده سواء في الداخل أو الخارج.
إذاً هذا هو الغرب الذي ما زال يمارس آلاعيبه المشبوهة الخبيثة التي ستبقي سورية بموجبها تنزف، فالمؤتمر هو مجرد محاولة لضخ الإمدادات المالية لبعض التنظيمات الإرهابية لكي تستمر في عملية رفضها وتعنتها بالتسليم للواقع الجديد، فعلى مدار النسخ السابقة ماذا استطاع هذا المؤتمر أن يقدم!!؟ والاتحاد الأوروبي لم يستطع أن يخفي نظرية فرزه المذهبي والعرقي خلال طريقة وأسلوب وتعاطيه وطرق مساعدته وتعامله مع اللاجئين السوريين الصوماليين أو الليبيين وهذا أمر لا يحتاج إلى برهان!!
|
||||||||
|