وجهات نظر

عادت عقارب الساعة إلى الوراء… وخسر من راهن على هزيمة سورية

خيام الزعبي


كتب الدكتور خيام الزعبي في صحيفة رأي اليوم تحت عنوان "عادت عقارب الساعة إلى الوراء… وخسر من راهن على هزيمة سورية": 
 
يقف السوريون اليوم على مشارف نهاية سنوات من الحروب والمؤامرات، كانت أمريكية بأيدٍ عربية، المتربصة بسورية والمدبر والممول لمعاركها والمستفيد الأول من نتائجها، لو تابعنا المسار الذي رسمته واشنطن وحلفاؤها في سورية، نجد أنهم خسروا رهانهم لذلك نرى أن سياستهم تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة انطلاقاً من وقائع الميدان، وبذلك أفشلت سورية مقولة الغرب وحلفائه بأن سورية ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة، وبدل أن تسقط سقط التكفيريون وداعموهم على أرض سورية. 
 
وأصبحنا نسمع أصواتاً من داخل البيت الأميركي تعبر بكل صراحة ووضوح عن مدى وحقيقة ذلك الفشل الذريع الذي ترتكبه أمريكا من خلال هذه الاستراتيجية في حق الشعب السوري، صحيح أن أميركا قادرة على التخطيط المسبق وقادرة على استشراف معطيات المستقبل ومتمكنة من تطويع المتغيرات واحتواء المفاجآت إلا أنها فقدت الكثير من الخيوط وقدمت خسائر فادحة لم تكن في حساباتها، لذلك فهي تتخبط و تحاول بكل السبل تطويع الانفجارات والفوضى التي كانت سبباً فيها لتحقيق مصالحها. 
 
بالمقابل، دخلت منطقة الشرق الأوسط الآن ومن البوابة السورية مرحلة استراتيجية هامة، بعد أن نجحت سورية في تضييق الدائرة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب وأنشطته، وقد شهدت المنطقة سلسلة من التطورات ومن أهمها، تبلور الحل السياسي بالتوازي مع توسيع رقعة المصالحات الوطنية، وإطلاق مسيرة الإعمار واستكمال الجيش العربي السوري مهامه وفق خريطة اشتباك يحقق فيها تقدماً ميدانياً ملحوظاً ومتصاعداً، بالإضافة الى الانفتاح الدبلوماسي على دمشق الذي أخذ شكلاً علنياً حيث تتهيأ السفارات العربية والغربية لاستئناف نشاطاتها، يترافق مع تزايد الضغوط الدولية على الأنظمة والجهات المتورطة بدعم الإرهابيين وتمويلهم وتسهيل مرورهم، كما شهدت إعادة تمتين وبناء العلاقات السورية العربية واتجاهها نحو التنسيق والتعاون، وبالتالي فإن هذه العلاقات وضعت على السكة الصحيحة كونها تخدم الشعوب العربية وتساهم في استقرار المنطقة وتقوية الموقف العربي في وجه التحديات المختلفة. 
 
على خط مواز، إن قرار استعادة دمشق مكانتها العربية يعيد بريق الريادة مرة أخرى في المنطقة كونها  قادرة على استعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمي العربي من جديد وتثبيت أركانه وركائزه، وبالتالي إن خطوات عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سورية والدول العربية، سيرتّب أوضاعاً إقليمية جديدة، ستعيد دور دمشق الإقليمي بقوة، الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة العربية ويمثل عاملاً مساعداً لتخفيف الهزات التي تعرضت لها المنطقة، بما تمثله سورية من ثقل في محيطها العربي والإسلامي وبوابة الوجود العربي والقومي في المنطقة، فضلاً عن مواقفها المميزة تجاه القضايا القومية في معركتها ضد مؤامرة الشرق الأوسط الكبير. 
 
بالتالي إن كل المعطيات على الساحة السورية اليوم توصلنا لنتيجة لا تقبل الشك، إن الإدارة الأميركية ومن لف لفيفها اقتنعوا بشكل كامل بأن لا مخرج لهم من مستنقع الفشل الذي انغمسوا به في المنطقة، إلا بالعودة إلى سورية فهي صاحبة النفوذ الواسع والعلاقات المؤثرة في المنطقة، والداعمة لحركات المقاومة، وصانعة معادلات القوة في لبنان وفلسطين و…، خصوصاً أن الرهانات الأميركية – الغربية على وكلائهم الإقليميين فشلت في إسقاط سورية. 
 
ما يتجه إليه العالم من مآسٍ وعدم استقرار في المنطقة، بالإضافة إلى الأزمات الكبرى على المستوى العالمي هي نتاج الحرب السورية، فعلى خلفية هذه الحرب ظهرت داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية وتحولت إلى مشكلة دولية، واندلعت الحرب في ….و…. لذلك العالم كله اليوم في قبضة سورية، ولكي نتخلص من كل هذا لا بد من إيقاف الحرب في سورية، انطلاقاً من أن استقرار سورية هو من استقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم بأكمله وتبقى سورية مفتاح الحل ومقدمة الاستقرار في المنطقة. 
 
ببساطة، سورية التي انفتحت أمامها أخيراً الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها تتعافى بعد أن  تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب وفي إطار ذلك كانت سورية ولا زالت مفتاح السلم والحرب في العالم، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة. 
 
مجملاً.. إن سورية باتت اليوم مفتاح المنطقة وقلبها والطريق الوحيد لوضع الإقليم على المسار الآمن، بعد أن أدركت الدول أن سورية ليست معزولة وأنها دولة مركزية في المنطقة، وما يجرى فيها له ارتداداته على الإقليم بأكمله، فاليوم الجميع بات مقتنعاً بحاجتهم لتسوية الأزمة في سورية، فالذين كانوا يراهنون على الحل العسكري باتوا الآن يبحثون عن مخرج سياسي للأزمة فيها.
 
وختاماً نقول: إن سورية عادت لمكانتها ووضعها الطبيعي… ولكن هذه المرة عادت لتقود العالم لمواجهة الإرهاب والمحافظة على الأوطان… لأنها الرقم الصعب والعصي على أن ينال منه الآخرون، فسورية كانت وستبقى الجدار المتين في وجه المشروع الغربي والحضن الكبير للمقاومة وستنتصر لأبنائها لأن فيها رائحة الشهداء وعبقهم يتنفسه أهلها كل صباح، ولن تهزم أو تنكسر لأن فيها رجالاً أبطالاً يرفضون الاستسلام والخنوع.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=93423