وجهات نظر

ما المطلوب من تركيا؟


كتب موقع قناة العالم تحت عنوان "هذا ما يتوجب على تركيا فعله لإعادة الاستقرار للمنطقة؟":

يقال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ في الفترة الأخيرة مهاجمة المؤامرة الغربية في سورية والمتآمرين عليها ابتداء من الولايات المتحدة إلى ما يسمى قوات التحالف الدولي لمكافحة "الإرهاب".

 

الرئيس التركي ذهب إلى أبعد من ذلك بوجوب "ضمان السير بخطوات متقدمة مع سورية كي يتم تعطيل عدد من المؤامرات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي".

 

إردوغان أكدها صراحة أن "الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي هي التي تغذّي الإرهاب في سورية بشكل أساسي"، وأكثر من ذلك أن جريدة مقرّبة من الحزب التركي الحاكم لم تتردد في تحميل الغرب و"الإمبريالية" المسؤولية عما لحق بسورية من خراب وتدمير.

 

بدأ حديث إردوغان وبشكل مركّز منذ عودته من قمة طهران، حيث طالب بخروج القوات الأمريكية من سورية على الفور، متهماً واشنطن بدعم الإرهاب في المنطقة، وهو موقف مثير بالنظر إلى أنه جاء بعد أسابيع قليلة فقط على الاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة بخصوص انضمام دول جديدة إلى حلف (الناتو).

 

الرؤية الإيرانية والروسية

 

في هذا الإطار قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن على الحكومة التركية أن تصحح وجهة نظرها بشأن التطورات في سورية وأن تلعب دورها القيم والفعال على صعيد إعادة السلام والاستقرار والطمأنينة إلى هذا البلد.

 

ذلك ما يعني المسير ضمن توافق أطراف "أستانا" بالسير بخطوات ملحوظة جادة دون الأخذ بالاعتبار التحفظات أو حتى الرفض الأمريكي، وهو الحديث الذي بدأ بالفعل يطغى على التصريحات الصادرة عن أنقرة بشكل مركّز منذ عقد قمة دول "أستانا" في العاصمة الإيرانية طهران، في التاسع عشر من تموز/ يوليو الماضي.

 

من الواضح أيضاً أن تركيا قد حسمت أمرها بإنجاز حل سياسي وفق التصورات الروسية للقضية السورية، وبغضّ النظر عن ترويجها القوي لوجود مؤامرة غربية -أمريكية، إلا أن المؤكد هو توافق أطراف أستانا على الشروع بخطوات الحل هذه، بدون الأخذ بالاعتبار التحفظات أو حتى الرفض الأمريكي.

 

في المقابل

 

الموقف الأميركي ثابت من الأزمة السورية حيث تتبع واشنطن سياسة التأجيج والتأزيم من خلال سعيها للوقوف بوجه أي تقارب تركي مع كل من روسيا وإيران اللتين بذلتا مساعيهما بإطلاق حل دبلوماسي جديد بين تركيا وسورية عبر دعوة الطرفين، والدفع باتجاه بنك من المفاوضات الجادة بحيث تنتهي بإبرام اتفاق بينهما على ألّا يأخذ ذلك وقتاً طويلاً.

 

لا تمتلك الولايات المتحدة حالياً أي رؤية استراتيجية جديدة واضحة أو وجهة نظر جادة لإنهاء الأزمة في سورية خصوصاً بعد اختلال الوضع في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، إنما على العكس من ذلك ترى واشنطن ضرورة مواصلة تأزيم الأوضاع في سورية لصالح بقاء وجودها فيها لأطول فترة زمنية ممكنة لضمان مصالحها الاستحواذية في نهب الطاقة (النفط والغاز) السوريين ولضمان أمن الكيان المحتل الذي يتركز على محور تدمير بنى سورية التحتية وزعزعة أمنها بنشر الإرهاب فيها.

 

إن الولايات المتحدة هي من دعمت الإرهاب في سورية ودمرت البنية التحتية والاقتصادية وتواصل نهب نفطها وثرواتها وفرض إجراءاتها الاقتصادية القسرية في انتهاكها لميثاق الأمم المتحدة.

 

إعادة إعمار سورية؟

 

بدأت الولايات المتحدة وتحديداً "عقب قمة طهران"، بالعمل على تعزيز وجودها العسكري في سورية من أجل قطع الطريق على مشروع الحل هذا، ووجّهت رسائل جديدة أكدت فيها أن المسار الوحيد المقبول هو مسار جنيف وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، مشددة على أنها لن تتسامح حيال التطبيع التركي مع سورية.

 

من جملة رسائل الولايات المتحدة أيضاً أنها مصممة على عدم الإفراج عن أي أموال تتعلق بإعادة الإعمار في سورية قبل الوصول إلى حل سياسي تراه "عادلاً" و"مُرضياً" (لها وللكيان الإسرائيلي).. ومن الطبيعي للميليشيات المسلحة التي تأتمر بأمرها.

 

هذا ما يتوجب على تركيا

 

الحقيقة التي لم تعد خافية على أنقرة اليوم أنها يجب عليها أن تعي دورها الحقيقي والفعال في ضرورة اتخاذ المبادرة في عموم المنطقة على صعيد إعادة السلام والاستقرار والطمأنينة إلى سورية وحتى شمال العراق من خلال بناء علاقات بناءة بينها وبين سورية والعراق وحل الخلافات واتخاذ خطوات نحو الحوارات الثنائية واستئناف العلاقات الرسمية التي تعود بالفائدة على البلدان الثلاثة وعلى السلام والاستقرار في عموم دول المنطقة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=87749