وجهات نظر

هل تخلت الصين عن حذرها ؟

أحمد ضوا


حسم الرئيس الصيني شي جين بينغ موقف بلاده من العقوبات الغربية والأميركية على روسيا الاتحادية وأعلن صراحة خلال افتتاح المؤتمر السنوي لمنتدى "بوآو الآسيوي 2022" والذي يعد "دافوس" آسيويا رفض بكين العقوبات أحادية الجانب واتباع معايير مزدوجة في تسوية القضايا الدولية وجاء تصريح السفير الصيني في موسكو تشانج هانوي أمام مجلس الدوما الروسي وتأكيده بعزم الصين على تطوير علاقاتها مع روسيا بغض النظر عن حالة علاقات موسكو مع الدول الأخرى ليكمل صورة موقف الصين من الأزمة الأوكرانية والتطورات اللاحقة لها وخاصة فيما يتعلق بالعمل على بناء عالم متعدد الأقطاب.

إن هذا الموقف الصيني الذي جاء بعد مضي خمسين يوما على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لا يأتي من قبيل الدعم الصيني لهذه العملية وإنما لمشاركة روسيا في تشكيل عالم متعدد الأقطاب والحفاظ على السلام العالمي وهو ما ركز عليه السفير الصيني أمام مجلس الدوما الروسي.

بهذا التصريح تخلت بكين عن حذرها وإمساكها للعصا من المنتصف ودخلت حلبة الصراع مع الغرب إلى جانب موسكو متحدية التهديدات الأميركية والغربية التي لم تتوقف منذ بدء العملية الروسية حتى اليوم وأخذت أبعادا اقتصادية وسياسية وعسكرية تمثلت باستعداد واشنطن بإرسال المزيد من الأسلحة إلى تايوان وزيارة وفد أميركي لهذه الجزيرة الأمر الذي واجهته بكين بمناورات عسكرية واسعة في محيط الجزيرة وعلى مرأى من الوفد الأميركي.

للمرة الأولى منذ بداية الأزمة في أوكرانيا تخرج بكين عن هدوئها المعهود بإعلان السفير هانوي بالسعي لبناء تعاون طويل الأمد مع روسيا الاتحادية على أساس العزيمة الراسخة بين البلدين واستراتيجية طويلة المدى الأمر الذي اعتبره العد من المراقبين وصناع القرار رسالة واضحة إلى الدول الغربية والولايات المتحدة بضرة القبول بالواقع الجديد والمساهمة بحماية السلام العالمي بدلا من إشعال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية سعيا وراء الحفاظ على امتياز الهيمنة الذي أصبح من الماضي.

قالها بالحرف السفير الصيني متوجها إلى من يحاولون عزل موسكو "روسيا كانت وستظل قوة عظمى وأي محاولة لتهميشها لن تتحقق ونحن مستعدون لتشكيل عالم متعدد الأقطاب لكي يعيش أحفادنا بفخر وكريمة" وهذا يعني أن العودة إلى الوراء أصبحت من الماضي وان على الغرب أن يتعامل مع الواقع الجديد بدلا من تكبد المزيد من الخسائر السياسية والاقتصادية والجيوسياسية.
الكثير من صناع القرار الدولي لم يتوقعوا هذا الموقف الصيني الذي لا يحتمل التأويل وهذا دليل لا تشوبه شائبة على قناعة القيادة الصينية بأن العملية الروسية في أوكرانيا ستحقق أهدافها على المستوى الأوكراني والدولي وكل محاولات الغرب لاستنزاف روسيا في أوكرانيا ستبوء بالفشل.

لقد كان مخاض الوصول إلى هذه المرحلة طويلا ويعود السبب في ذلك إلى توخي القوى الصاعدة إلى عدم إشعال الحروب والأزمات ولكن الولايات المتحدة حاولت استباق الأمر وإطالة أمد هيمنتها فوقعت في شر أعمالها بفشل مشروعها العدواني على سورية والذي شكل اللبنة الأولى للتحرك باتجاه بناء عالم متعدد الأقطاب من خضم الازمة الأوكرانية التي أخطأت واشنطن أيضا في تقدير ردة فعل القيادة الروسية على تجاهل محاذير تهديد امن بلادها القومي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=84927