وجهات نظر

هدم نظام القطب الواحد

أحمد ضوا



استقبلت الدول الغربية وخاصة الساعية لإدامة الأعمال الحربية وتوريط موسكو في المستنقع الأوكراني بفتور مريب الإعلان عن تسجيل المفاوضات بين البلدين في إسطنبول تقدما إيجابيا مشككة بخطوات التهدئة العسكرية الروسية على جبهة كييف الأمر الذي يؤكد إصرار حلف الناتو على استخدام الحكومة الأوكرانية في صراعه مع موسكو.

التقدم الإيجابي للذي تحدثت عنه موسكو تمثل بإبداء الوفد الأوكراني استعداد بلاده لتنفيذ المطالب الرئيسية الروسية والتي لو وافقت عليها السلطة الأوكرانية لما أقدمت موسكو على عمليتها العسكرية لحماية سكان دونباس.

تقود واشنطن ولندن حملة التشكيك بالنوايا الروسية وتدفع بالأوضاع نحو التصعيد عسكريا وسياسيا واقتصادية الأمر الذي يضاعف مخاطر المرحلة الحساسة والدقيقة التي يمر بها العالم جراء محاولة الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي الاحتفاظ بالهيمنة الأحادية على العالم ورفض مشاركتهم في صناعة القرار الدولي.

تعمل الولايات المتحدة بالتعاون مع بعض حلفائها في حلف شمال الأطلسي لتعزيز استراتيجية حروب الوكالة (العسكرية، والسياسية، والاقتصادية) التي قادتها في العشر سنوات الأخيرة في كل من العراق وسورية واليمن وليبيا وبين أرمينيا وأذربيجان ومع إيران وفنزويلا وكوبا لتأخذ بعد جديد يتمثل باستخدام جيوش دول خاضعة لها ضد جيوش الدول المنافسة لها دون الاكتراث بعواقب ومخاطر مثل هذه الحروب وخاصة في حالة تهديدها للأمن القومي للدول التي تنافس واشنطن على الريادة الدولية والقرار الدولي كما هو الحال اليوم مع روسيا ولاحقاً مع الصين.

إن العواقب الخطيرة المتعددة الجوانب على جميع انحاء العالم جراء الصدام الروسي- الغربي – الأميركي في أوكرانيا هو حالة اختبار حقيقية امام كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويجب ان تكون دافعاً للجميع للمساهمة في ولادة عالم جديد متعدد الأقطاب تخفت فيه أصوات التهديدات وسياسات الهيمنة لصالح التعاون الاقتصادي والأمني لحماية العالم من الاخطار المحدقة به جراء السياسات الغربية على كل المستويات.

إن دعم سورية للسياسة الروسية والعملية العسكرية الروسية لحماية سكان دونباس ولمنع تحويل أوكرانيا الى منصة غربية لنشر الفوضى في المنطقة وتهديد الامن القومي الروسي يصب بشكل مباشر وفاعل باتجاه تقريب ولادة نظام عالمي جديد تبلور مخاضة في الصمود الذي حققه الشعب السوري بالتعاون مع حلفائه في الحرب الإرهابية على سورية ونجاح الجيش العربي السوري في هزيمة ودحر أدوات الولايات المتحدة الإرهابية وإيقاف مشروع الشروق الأوسط الجديد العدواني الأميركي الصهيوني الذي كان يراد منه تحويل المنطقة الى ساحة خلفية مضمونه وداعمة للمعركة التي يقودها حلف الناتو بالوكالة في أوكرانيا ضد روسيا اليوم .

كما ينطلق الموقف السوري في مساندة ودعم السياسة الروسية من المبادئ القانونية والدولية وميثاق الأمم المتحدة التي تلتزم بها سورية وقناعتها الراسخة بأن القيادة الروسية فعلت كل ما بوسعها لتفادي الخيار العسكري لحماية امنها القومي، وكذلك مبادلة الوفاء بالوفاء حيث وقف الشعب الروسي مع نظيره السوري في مواجهته للإرهاب الدولي الذي رعته ودعمته العواصم الغربية وخاصة واشنطن ولندن وادواتهم في المنطقة
يمهد رفض أكثر من 150 دولة في العالم الالتزام بالعقوبات الغربية الأميركية على روسيا الطريق لسقوط الهيمنة الأميركية، وتمكين ولادة نظام عالمي منصف ومتعدد الأقطاب في المدى القريب أو المنظور، وهذا مرهون بمواكبة هؤلاء الرافضين لهذه العقوبات للسياسات الروسية والصينية وحلفائهم على كل المستويات وخاصة الاقتصادية منها بالنظر للأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي جراء السياسات الاقتصادية الغربية على روسيا التي ضربت أسس التجارة الدولية والنظام الاقتصادي العالمي، و يأتي اعلان وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحفي مع نظيره الصيني تحرك البلدين نحو بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب وعادل استنادا للمرحلة الخطيرة التي يمر بها تاريخ العلاقات الدولية كرسالة للعالم لاستثمار الفرصة الحالية في هدم نظام القطب الواحد.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=84559