وجهات نظر

قطر التي تحفر قبرها بيدها!!!


خاص || الإعلام تايم 

 

كأنما يجري اليوم هو الهوس القطري والعشق المجنون للحضن الأمريكي، فقطر لا تتعظ من الدروس الأمريكية في أفغانستان ولا العراق، ولا ترى بعين نظرائها في الخليج أن الساسة الأمريكيين عبيد لمصالحهم، ويجيدون التخلي عن حلفائهم وتركهم في ساحات الحروب لوحدهم قبل أن يجففوا أضرعتهم، وهذا ما فطنته دول الخليج باستثناء قطر في اتخاذ موقف الحياد حيال ما يجري في العالم جرّاء الحرب الروسية الأوكرانية.

وكعادتها قطر التي لاتعرف قدر نفسها لتقف عنده، ولا تستطيع أن تكون سيدة قرارها في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، ترى نفسها اليوم البديل القوي لإمداد أوروبا بالغاز في حال توقف الإمداد الروسي، رغم اعتراف وزير طاقتها بعدم القدرة على ذلك، حيث بدأت بتجنيد إعلامها وووقودها للوقوف في وجه موسكو التي لم تقم وزناً لقوى عالمية كبرى عندما وصل الأمر للإضرار بالأمن القومي الروسي، فما هو مصير الدوحة التي لن تكون طرفاً في أية تفاهمات بعد الحرب؟

قطر لاعبة الأدوار في التآمر على العرب قبل غيرهم وخاصة جيرانها الذين كشفوا في وقت سابق خيانتها، تغرد اليوم خارج السرب، مستندة إلى بضع كلمات قالها الرئيس الأمريكي جو بايدن لأميرها تميم بن حمد عندما استجاب لدعوة الحليف الأمريكي ليكون أول زعيم خليجي عائد لأحضان واشنطن، بأن "الدوحة حليف واشنطن الرئيسي من خارج الناتو"، والدوحة تطمع بأن تبقى هي اليد الأمريكية التي تبطش في الخليج وتنفذ مخططات واشنطن التي لن تسمح موسكو اليوم بتحقيق أهدافها حتى لو كلفها ذلك حرب عالمية نووية "لاتبقي ولا تذر".

هذه المرة ليست اللعبة مع نظرائها من حلفاء واشنطن السابقين، اليوم قررت الدوحة أن تكون طرفاً في معركة "كسر العظم" والتناحر على زعامة العالم وتشكيل توازن عالمي جديد ستكون هي وقود نيرانها، رغم أنه مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية زار وزير خارجيتها موسكو التي تتقن فن إهانة المنافقين وهي على علم بما يجول في الغرف المظلمة الأمريكية القطرية، فعاد الوزير القطري من موسكو بـ"خفّي حنين" وبعض قطرات من "معقم اليدين" الذي فرضه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عليه، لكن بلاده أبت إلا أن تمارس الدور المناط بها من حليفها الأمريكي.

 



العقوبات الأوروبية على روسيا وبشهادة الأوروبيين أنفسهم تضر بالاقتصاد الأوروبي وبدأت بوادر تلك العقوبات تظهر عبر صرخات الاقتصاديين الأوروبيين بما آلت إليه حال أسواق الطاقة، لكن قطر ترى أنه بإمكانها تعويض النقص في أسواق الغاز الأوروبي في حال توقف الإمداد الروسي بفعل العقوبات، فاتفقت مع الحكومة الألمانية على توريد الغاز الطبيعي المسال لمساعدتها على تخفيف الاعتماد على الطاقة الروسية، رغم أن خبراء قالوا إن آثار الاتفاق لن تنعكس على اقتصاد موسكو في المدى القريب.

وكان وزير خارجية قطر ورئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم آل ثاني، دعا الخليج للاستفادة من أزمة الطاقة الحالية في العالم الناتجة عن العملية العسكرية في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، قائلاً إن "الأوروبيين الآن بحاجة ماسة لمصادر للطاقة تقوي مواقفهم السياسية والأمنية، ونحن نحتاج لإبرام هذه الاتفاقية على وجه السرعة تحقيقا للمصالح المتبادلة التي هي الأساس الذي تقوم عليه التعاملات بين الدول".

وأعقب المسؤول القطري السابق بالقول إن الغرب لا يقيم وزناً لدول الخليج معتبراً أنها خزينة يفتحونها عند الشدائد.

وفي وقت نصح فيه القادة العرب الاستثمار في الطاقة كـ"سلاح مهم في حسم أي معركة"! ونفى استدعاء أمير بلاده لواشنطن لحياكة التآمر على الغاز الروسي، أكد الإعلام الأمريكي عكس ذلك بل واحتفل بقوة العلاقات الأمريكية القطرية ومرور خمسة قرون على إقامتها.


ما نسبة الوقود الروسي في أوروبا؟

أوروبا التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 30% إلى 40%، وهو ما يشكل نحو 158 مليار متر مكعب، في عام 2021 من إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا، و25% من ورادت النفط التي تحتاجها العواصم الغربية، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، وتتصدر ألمانيا مستوردي الطاقة الروسية خلال 2020، حيث حصلت على 16% من صادرات موسكو من الغاز، تلتها إيطالياً بـ12%، ثم فرنسا بـ8%. كما مثّل 55% من وارادت الغاز الألماني، و34% من واردات النفط، سيكون من غير الممكن أن يحلّ الغاز القطري مكان الروسي، وكان بايدن بحث مع تميم بن حمد مسألة تعويض الدوحة العجز المحتمل لإمدادات الطاقة الذاهبة من موسكو إلى أوروبا، وذلك قبل ثلاثة أسابيع فقط من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كما تناقش حكومات الاتحاد الأوروبي فرض حظر نفطي على روسيا، لكن ذلك من شأنه أن يدفع بالأسعار إلى الارتفاع بشكل أعلى، بعدما لامست في الأيام الأخيرة حاجز 140 دولاراً للبرميل.

 



هل تتخلى قطر عن العقود مع آسيا؟


عندما يتعلق الأمر بـ"الحليف والصديق الموثوق" يرى خبراء اقتصاد أن قطر قد تتخلى عن عقود طويلة الأجل إلى آسيا تنتهي بعد أربع سنوات، فهي تصدّر نحو 106 مليارات متر مكعب، وفق بيانات 2020، يذهب 80% منها إلى آسيا و20% إلى أوروبا، لكن وزير الطاقة القطري سعد الكعبي قال، في شباط الماضي إن بلاده لا يمكنها توفير بديل للغاز الروسي؛ لأن معظم الأحجام القطرية محجوزة في عقود طويلة الأجل في الغالب لمشترين آسيويين، مضيفاً خلال مؤتمر للغاز، إن الشحنات القابلة للتحويل إلى أوروبا لا تتجاوز 10-15٪، مؤكداً أن سد مكانة روسيا في المدى القريب يكاد يكون مستحيلاً على أي دولة بمفردها.

وتقول وكالة "بلومبيرغ" إن هناك قيوداً محتملة قد تعوق أوروبا من تسلُّم الغاز القطري، على الأقل في المدى القصير، أهمّها النقص في محطات إعادة تحويل الغاز المسال لتسلُّم السعة الإضافية، والقيود الخاصة بسلسة التوريد والشحن.

وأوقفت ألمانيا، أواخر شباط 2022، مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، المصمم لمضاعفة تدفق الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا. وأدت هذه الخطوة إلى ارتفاع أسعار الغاز.

 



عقبات أمام غاز قطر إلى أوروبا؟


في كانون الثاني الماضي قالت مجلة "فوربس" الأمريكية إن تحويل كافة إمدادات قطر غير المتعاقد عليها من الغاز إلى أوروبا يعني تحويل مليون متر مكعب في اليوم، مشيرة إلى أن هذا الرقم يمثل جزءاً بسيطاً من صادرات روسيا اليومية.

وأكدت المجلة أن الاعتماد الأوروبي المتزايد على الغاز الروسي كان نقطة ضعف أمنية للقارة، مشيراً إلى أن التحوّل للاستيراد من شريك موثوق مثل قطر قد يخفف من تبعات وقف الواردات الروسية جزئياً، وليس بشكل كامل.

كثير من المحللين الاقتصاديين يرون أن التحركات الأمريكية عملت على تأجيج الحرب الحالية لخنق الاقتصاد الروسي، ووقف صادراتها إلى أوروبا لحرمانها من جزء كبير من مواردها، عبر إقناع الدول المستوردة للغاز القطري بالتنازل عن جزء من واردتهما، لكي تتمكن الدوحة من سد العجز الأوروبي ، وهذا لن يتحقق قبل 2027 موعد رفع إنتاج الغاز القطري.

ورأت صحيفة التايمز أن "إمدادات الغاز من الخليج، قد تصل لكن بعد عراقيل"، فقطر قطر التي تمتلك أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، لا يمكنها تلبية احتياجات العالم كله في نفس الوقت، خاصة في ظل تطلع أوروبا بأسرها إلى الدولة الخليجية كمصدر بديل للغاز الروسي، موضحة أن قطر، التي تستضيف مقر القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، لا تمانع في تلبية الطلب الأوروبي، لكنها أكدت أن ذلك لن يكون سهلاً، رغم أنها ترغب بالمساعدة".

وأضافت الصحيفة أن صادرات الغاز عالميا تأتي في شكلين فقط، الأول عبر أنابيب الغاز، مثلما تفعل روسيا، والثاني عبر شاحنات ضخمة من الغاز المسال، وهو ما تفعله قطر، لكن المشكلة أن أغلب الدول الأوروبية مجهزة لاستقبال النوع الأول عبر أنابيب الغاز بينما النوع الثاني بحاجة لمنشآت خاصة لإعادة تحويل الغاز، من الحالة السائلة إلى الغازية، قبل استخدامه، كما أن أوروبا اعتادت شراء الغاز في صفقات قصيرة المدى للاستفادة من الأسعار المتدنية، عكس الدول الآسيوية التي ترتبط بعقود مع قطر تمتد لفترات تتراوح بين 20 و25 سنة، وهو الأسلوب الذي تحبه قطر، ولطالما أرادت من الدول الأوروبية أن تتبناه.



الإعلام القطري في صفّ نظيره الأوكراني

وكعادتها تستخدم قطر قناة الشيطان "الجزيرة" معتمدة على خبراء التكنولوجيا والإعلام الجديد في حملاتها ضد أي طرف تناصبه العداء وهذا ما تفعله اليوم، فالمندوبة الأمريكية تستشهد بتقاريرها في جلسة لمجلس الأمن لإدانة الروس، فالحرب الروسية الأوكرانية من وجهة نظرها فرصة لكي "تبيّض" صفحتها، بعد تورطها الفاضح في كلّ من ليبيا والعراق وسورية واليمن، وبعد ملفات الفساد التي تجاوزت الحدود العربية، حتى تحولت فضيحة عالمية، وخاصة في ملف حقوق الإنسان والملف الرياضي المزّور في استضافة كأس العالم 2022، وفق تقارير بريطانية.

آمّا التآمر على سورية بوجه الخصوص فكشفه حمد بن جاسم في لقاء مع صحيفة القبس الكويتية حيث قال إنه في 2011 عملت غرف عمليات أنشأت بتحالف "سعودي قطري أردني تركي أمريكي"بمهمة تدمير سورية، وبتكلفة 200مليار دولار، لو وزعت على اقتصاديات الشرق الأوسط لنافست نظيراتها العالمية.

ويقول خبراء من أهل الدار الخليجية إن عقدة النقص التي ترافق كل حكومة قطرية ربما تدفعها لارتكاب المخالفات على مبدأ خالف تعرف والدوحة لو لم ترتكب منكراً فلن تذكر، ولم يستغرب آخرون السلوكيات القطرية التي تنتهج سياسية حافة الهاوية التي تنتهي بالتراجع عندما يحين الحساب، لكن هذه المرة اختارت اللعب مع الكبار ولن تستطيع التراجع، فموسكو لا تسامح من خانوها وناصبوها العداء.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=84422