وجهات نظر

ماذا سيحل بالرئيس بايدن؟

دينا دخل الله


يقارن بعض المحللين بين ما حصل عام ١٩٦٢ أثناء الأزمة الكوبية الشهيرة وبين الأزمة الأوكرانية اليوم، ووصلت العلاقة بين أميركا والاتحاد السوفييتي عندها إلى مواجهة مباشرة، حيث اعترضت السفن الحربية الأميركية سفناً سوفييتية في المحيط الأطلسي تحمل رؤوساً نووية قصيرة المدى إلى كوبا الواقعة على أبواب الولايات المتحدة الجنوبية الشرقية.

 

حبس العالم أنفاسه وأخذ يعد الدقائق قبل انتهاء الإنذار الأميركي للسوفييت بإبعاد سفنهم ورؤوسهم النووية عن كوبا، ولأول مرة يوضع ما يسمى بـ«الخط الأحمر» الهاتف المباشر بين الرئيسين جون كندي ونيكيتا خروتشوف.

 

في اللحظات الأخيرة تم حل المشكلة عبر صفقة متوازنة تضمنت أنه على السوفييت سحب صواريخهم من كوبا مقابل أن تسحب الولايات المتحدة صواريخها متوسطة المدى من تركيا القريبة جداً من أراضي الاتحاد السوفييتي الجنوبية، كما طالب السوفييت بأن يبقى النظام الشيوعي قائماً في كوبا كشرط ثان في الصفقة، وخاصة بعد الفشل الذريع لحملة «خليج الخنازير» الأميركية ضد كوبا.

 

أنقذ كندي وخروتشوف السلام العالمي بصفقة، رأى فيها الصقور الأميركيون انهزاماً مخزياً لبلدهم، فقد ربح الروس «السوفييتي» نظاماً حليفاً في كوبا وترحيلاً للصواريخ الأميركية من تركيا، بينما ربح الأميركيون مجرد شيء لم يكن موجوداً من قبل وهو عودة السفن المحملة بالصواريخ إلى الاتحاد السوفييتي.

 

نال جون كندي شعبية أميركية ودولية واسعة كمنقذ للسلام، وأخذ المتفائلون يحلمون بعالم متفاهم وبتخفيض لدرجة برودة الحرب الباردة بين القطبي، لكن الرؤوس الصلبة في المجتمع السياسي الأميركي وضعت كندي على اللائحة السوداء، وتم اغتيال الرئيس الذي أحبه العالم في دالاس بتكساس في تشرين الأول ١٩٦٣، أي بعد شهر واحد من سحب الصواريخ الأميركية من تركيا وإيطاليا، فهل هذه مجرد صدفة؟

 

ليست سياسة كندي الخطأ الوحيد الذي حاسبه عليه صقور الاستابلشمنت الأميركي بل هناك أيضاً قضيتان أساسيتان ضرب بهما كندي إمبراطورية الأوليغارشيا الأميركية، لقد قام كندي بطبع الدولار تحت سلطة الدولة متحدياً سلطة الاحتياطي الفدرالي الأميركي وهو الوحيد الذي كان يصدر الدولار على الرغم من أنه قطاع خاص تابع للطغمة المالية الأميركية، أما الأمر الثاني فهو إصدار كندي قوانين تعطي الحكومة الحق في مراقبة شركات النفط العملاقة في تكساس، لقد هاجم الرئيس عملاقين شريرين في وقت واحد، الطغمة المالية ومجمع النفط.

 

لا يملك جو بايدن شجاعة كندي ولا شعبيته، لكنه غامر في تهديد روسيا حول أوكرانيا ظناً منه أنه سيردع بوتين ويكسب بذلك شعبية في الداخل الأميركي يفقدها، لكن يبدو أن «حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر» لأن بوتين لم يخضع للتهديد وإنما دفع الأمور باتجاه آخر.

 

هل يتم اغتيال بايدن جزاء له على فشله، أم إنهم سيصبرون عليه حتى الانتخابات القادمة التي سيفشل فيها بالتأكيد عام ٢٠٢٤؟ ثم إذا قرروا اغتياله فهل ستصبح نائبته أول رئيسة للولايات المتحدة، وخاصة أنها امرأة ملونة؟ فلننتظر لأن الأحداث حبلى بالمفاجآت.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=83841