وجهات نظر

لماذا ينقلب رموز الحزب الجمهوري على ترامب ويُقرّرون التّصويت لخصمه بايدن؟


الاعلام تايم - رأي اليوم

 

تتزايد أعداد الشخصيّات الأمريكيّة الجمهوريّة البارزة الذين أعلنوا رسميًّا أنّهم لن يُصوّتوا في الانتِخابات المُقبلة للرئيس دونالد ترامب احتجاجًا على رعونته وسِياساته المُتهوّرة.

 

ومن أبرز هؤلاء الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وجيمس ماتيس وزير الدفاع السابق، وكولن باول وزير الخارجيّة السابق، والسناتور ميت رومني، وجون بولتون مستشار الأمن القومي، وجون كيلي، رئيس موظّفي البيت الأبيض السابق.

 

الخُطورة تكمن في عدم تردّد هؤلاء والعديد من الجمهوريين غيرهم في إعلان مُجاهرتهم بأنّهم سيُعطون أصواتهم للمرشّح الديمقراطي جو بايدن، الأمر الذي سيُشكِّل ضربةً قويّةً للحملة الانتخابيّة للرئيس ترامب وبِما يُقلِّص فُرص فوزه لولاية رئاسيّة ثانية.

 

وإذا صحّت التّقارير التي تتحدّث عن عزم زوجته مالينا عدم التّصويت له، بسبب تفاقم الخِلافات بينهما، وعدم السّماح له بمَسك يدها في العَلن، فإنّ هذه ستكون بمثابة الضّربة القاضية.

 

حُظوظ بايدن بالفوز تتعزّز حيث يتقدّم بأكثر من عشر نِقاط على خصمه الجمهوريّ في جميع استِطلاعات الرأي، وهذا مِقياسٌ لا يُمكن تجاهله، الأمر الذي دفع الرئيس ترامب للرّهان على دعم اللّوبي الإسرائيلي، وبذل كُل جُهد مُمكن لمُكافأة هذا اللّوبي بالوقوف خلف اتّفاق التّطبيع بين دولة الإمارات والكيان الإسرائيلي المُحتل.

 

لا نعتقد أنّ اتّفاق التّطبيع هذا، ومهرجان التّوقيع الذي سيُقام في البيت الأبيض في غُضون أسبوعين، سيُحسّن حُظوظ ترامب، ليس لأنّ المرشّح الديمقراطي بايدن لا يقل عنه حماسًا في دعم الاستِيطان اليهودي في الأراضي المحتلّة، وحُكومة نِتنياهو التي تتبنّاه كسياسةٍ ثابتةٍ، وإنّما أيضًا لأنّ تأثير السّياسات الخارجيّة في الانتخابات الأمريكيّة يبدو محدودًا، إلا ما ندَر، وجميع الدّراسات في هذا الخُصوص تؤكّد هذه الحقيقة، وربّما هذا ما دفع بايدن إلى اختيار كامالا هاريس السّيناتورة ذات البشَرة السّمراء، ومن أبٍ إفريقيٍّ نائبةً له.

 

ترامب قد يسقط لأنّ إدارته فشلت في مُعالجة قضايا داخليّة مُهمّة مِثل مُواجهة الانتشار المُرعب لفيروس كورونا، وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة، والحِفاظ على هيبة أمريكا ومركزها كقوّةٍ عُظمى في ظِل صُعود القوّة الصينيّة المُتسارع، والأهم من هذا وذاك تحوّل بلاده إلى أكثرِ دولةٍ مكروهةٍ في العالم.

 

سُقوط ترامب الذي بات شِبه مُؤكّد حتّى الآن، قد يُؤدّي إلى خسارةٍ كبيرةٍ لكُلّ الذين راهنوا عليه في مِنطقة الشّرق الأوسط، ووضعُوا كُلّ بيضهم في سلّته، وخاصّةً في المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المتحدة.


انفِضاض شخصيّات جمهوريّة أمريكيّة بارزة مِثل تلك التي تحدّثنا عنها سابقًا عن مُرشّح حزبهم، سابقةٌ نادرةٌ في السّياسة الأمريكيّة، لأنّ هذا يعني أنّ الرئيس ترامب بات غير مُؤهّل لقِيادة أمريكا لفترةٍ رئاسيّةٍ ثانيةٍ لأنّه، وهو الذي فتّت الوحدة الوطنيّة، وأذكى نِيران العُنصريّة، قد يقود البِلاد إلى حربٍ أهليّةٍ، ويلعب دورًا مُماثِلًا لدور يلتسين وغورباتشوف في تدمير بلاده، مثلما نجح الأخيرين في تدمير الاتّحاد السوفييتي.

 

نحن لا نُعلّق أيّ آمال على الانتخابات الأمريكيّة ونتائجها، لأنّ المُقامرة ليسَت مِن إرثنا، ونُراهن دائمًا على قوّتنا كعرب ومُسلمين، وكيفيّة إدارة شُؤوننا بحكمةٍ، والطّريق الأمثل والأقصر في هذا الصّدد اجتِثاث الفساد والفاسدين، والطّابور الخامس المُتواطِئ مع أمريكا ومُؤامراتها ونهبها لثَرواتِنا، وترسيخ العدالة الاجتماعيّة، والتنمية الاقتصاديّة المُستدامة، والانحِياز للفِئات المحرومة المسحوقة، وتحقيق الديمقراطيّة الحقّة، وليس المُزوّرة والمَغشوشة المُصنّعة بدهاليز المُخابرات الأمريكيّة.

 

ترامب ربّما يُفاجئنا، والعالم بأسره، بشنّ حربٍ في الشرق الأوسط، وضدّ إيران تحديدًا، في مُحاولةٍ لإنقاذ نفسه، والظّهور بمظهر "البطل" الأمر الذي يدفعنا إلى تحذير الحُكومات العربيّة التي تقف حاليًّا في طابور التّطبيع سيرًا على خُطى الإمارات، ومِن التهوّر والخُضوع لضُغوطه، لأنّها ستكون وشُعوبها الأكثر استِهدافًا في هذه الحرب، لأنها ستكون الحرب الأخيرة، وأوضاع جميع الدّول التي سارت على هذا النّهج لم تَجنِ غير الفقر والجُوع والنّقمات الشعبيّة، والدّيون والأزَمات الاقتصاديّة، ولنا في الأردن ومِصر والسّلطة الفِلسطينيّة الكثير من الأمثلة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=73913