الاعلام تايم _ الاخبار
بدا أن جولة «أستانا» بنسختها الرابعة عشرة قد أفلحت في إعطاء فرصة جديدة لاختبار التوافقات في الملف السوري. وبرغم أنّ الجولة عُقدت وسط مؤشرات تُنذر بالتصعيد في الميدان، كما في الملف السياسي، فإنّ الانطباعات الأوّلية تُظهر تغليباً للتهدئة، وتعليقاً (مرجّحاً) لأي عمليات عسكرية شاملة في المدى المنظور. وفضلاً عن المؤشرات العامة، تُجمع آراء مصادر عدّة، تحدثت إليها «الأخبار»، على أنّ «الجولة كانت ناجحة». تشير المعلومات المتوافرة إلى توافق جديد بين مختلف اللاعبين على المضي في سياسة «التوافق بالتقسيط»، إذ ينفّذ كل طرف من الأطراف الفاعلة التزاماً معيّناً ينقل الكرة إلى ملعب طرف آخر لينفّذ التزاماً آخراً بدوره. ويبدو أنّ مصالح «الدول الضامنة» قد تلاقت مع أولويّات دمشق في المرحلة الراهنة، لتُعطى الأولوية لملف شرق الفرات على إدلب. يأتي ذلك بالاستفادة من انتهاز «انكماش» أميركي خارجي مرتقب تفرضه الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة (ينطلق السباق الانتخابي في شباط/فبراير 2020)، وما يليها من تشكيل لإدارة جديدة.
لا يمكن فصل مُجريات «أستانا» أمس عمّا دار خلف الأبواب المغلقة، بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أول من أمس. كما أنّ معطيات الملف السوري بعمومه تبدو حالياً ذاهبة نحو الانسجام مع مزاج «تسوَوِي» مفترضٍ يسود المنطقة من الخليج إلى سورية. فقد حرص البيان الختامي لـ«أستانا» على الإشارة إلى «مذكرة أكتوبر» بين موسكو وأنقرة، في شأن شرق الفرات، إضافة إلى اتّفاقيّة أضنة (1998) بين دمشق وأنقرة. وتعزّزت فرص تحويل «أضنة» إلى أرضيّة قانونيّة صالحةً للبناء عليها في ما يخصّ مستقبل العلاقة بين الجارين اللدودين، سورية وتركيا، برغم الأفخاخ والعقبات الكثيرة التي يُتوقع أن يختبرها هذا المسار. وتؤكد مصادر دبلوماسية سورية، إلى «الأخبار»، أنّ «النتيجة النهائيّة محسومة سلفاً: عودة السيادة السورية إلى كل المناطق التي احتلّتها تركيا بفضل رعايتها للإرهاب».
وإذا ما قُيّض لتوافقات التهدئة الأخيرة أن تحظى بفرص حقيقية، من المتوقّع أن ينعكس ذلك إيجاباً على الجولة المقبلة لاجتماعات «اللجنة الدستورية المصغّرة»، التي بات انعقادها شبه محسومٍ في منتصف الشهر المقبل في جنيف. وتحفل الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل باستحقاقات شديدة الأهميّة في الشأن السوري، يكمل بعضُها بعضاً، على طريق إنجاز «التوافقات بالتقسيط». وإضافة إلى اجتماعات «الدستورية»، تُشكل قمة إسطنبول الموعودة (شباط/فبراير 2020) محطة مهمة، بما يمكن أن تشكله من بوّابة لتلاقي مسارين مهمّين: أولهما «أستانا»، وثانيهما المجموعة الرباعية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وتركيا). وتوافق ضامنو المسار الأول على عقد لقائهم المقبل في آذار/مارس المقبل، في موعد «مرجعيّ» جديد، تتسع جعبته لما ستتمخض عنه «هندسة المسارات» حتى ذلك الوقت (راجع «الأخبار»، 5 كانون الأول).
|
||||||||
|