وجهات نظر

كبش فداء

صفاء اسماعيل


الاعلام تايم _ تشرين

انتهت الأزمة الدبلوماسية بين واشنطن ولندن باستقالة السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة كيم داروك, وذلك بعد أسبوع ساخن ارتفعت فيه حدة الجدل إلى مستوى غير مسبوق من التنافر والتحدي المتبادل بسبب مذكرات دبلوماسية مسربة انتقد فيها داروك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوصفه يفتقد للكفاءة وأن إدارته تعاني من الخلل.


ما قاله السفير في وصف ترامب وإدارته وإن بدا هجومياً بعض الشيء, إلا أنه يندرج في إطار وظيفته كدبلوماسي يقوم بمهمته في نقل صورة وضع البلد الذي يعمل فيه, وما جاء في مراسلات داروك يعد أمراً عادياً لا يشكل خروجاً عن إطار مهمة السفير, وخاصة إذا علمنا أنّ مثل هذا التوصيف متداول في واشنطن.


إلا أن ساكن البيت الأبيض الذي لا يقبل أي نوع من أنواع النقد, سارع إلى رد الصاع صاعين وكيل الشتائم للسفير ولكل مسؤول بريطاني أبدى تعاطفه مع داروك, ما أجبر الأخير على تقديم استقالته ككبش فداء لتجنيب بلاده الدخول في أزمة مع واشنطن, وخاصة بعد أن أعلن ترامب وقف التعامل معه, الأمر الذي يعد دليلاً جديداً على عدوانية ترامب وعجزه عن التعامل مع النقد وحماسته الشديدة للهجوم على حلفاء واشنطن.


استقال داروك وانتهت الأزمة بين البلدين بإعلان وزارة الخارجية البريطانية أن العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بسبب الأزمة الأخيرة, إلا أن الجدل لا يزال متفاعلاً داخل بريطانيا ولا تزال أصابع الاتهام موجهة ضد المرشح لمنصب رئيس الوزراء بوريس جونسون المتهم بالتضحية بداروك بسبب رفضه دعم موقف السفير في الأزمة الدبلوماسية.


بميوله لإرضاء ترامب, أضر جونسون كثيراً بنفسه لما سيواجهه من صعوبة كبيرة في إقناع البرلمان والرأي العام بأهمية التعاون في مجال التجارة الحرة مع واشنطن والتي يعوّل عليها كثيراً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتكون الجائزة الكبرى من «بريكست».


ناهيك عما أثارته هذه التبعية الفاضحة من علامات استفهام حول طبيعة العلاقة الخاصة بين البلدين, وخاصة أن استقالة داروك أعطت إشارة واضحة إلى مستقبل تخضع فيه بريطانيا كلياً لواشنطن, ما سيجعل أي دبلوماسي بريطاني يفكر طويلاً قبل أن يقبل بالعمل مع الإدارة الأمريكية وهو يعرف أن مصيره معلّق «بتغريدة» غضب من ترامب.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=62088