وجهات نظر

باختصار: الاحتلال التركي والأميركي !

زهير ماجد


الاعلام تايم _ الوطن العمانية


ببساطة، وجود الجيش التركي على الأرض السورية احتلال.. وكذلك الوجود العسكري الأميركي وغيره من القوى.. لم يفهم اردوغان بعد أن للتاريخ حكاياته وحكمه.. فهو من جهة احتلال لكنه أيضا تحرير.. السلطة العثمانية التي عاشت ما لبثت أن ماتت، لم يبقَ منها سوى ما بقي من خريطة وبعض السرقات للأراضي.


لا أحد ينسى أن له أرضا ومساحة وجغرافيا، تسجل الأراضي لدى الشعوب في قلوبها قبل تسجيلها على الورق.. وتعيش الشعوب على أمن أرضها للثقة بغدها وما بعده.. يقود اردوغان اليوم في سورية تحديدا لعبة الاستئثار بمساحة سوف تتحول إلى مقبرة لجنوده، وقبلها لطموحه، إن لم نقل أطماعه طالما أنه قرر اللعبة القاتلة له.. من المثير أن هذا الرجل ختم الله على عقله وكأن ليس هنالك آخرة، لا أحد يعلم كيف ستكون، صادمة له أو طبيعية، لكنها قادمة بكل حال.


الفن العربي السوري التلفزيوني قدم عشرات المسلسلات ضد التاريخ العثماني في سورية.. وكلها عذابات شعب سوري من جراء احتلال ظالم ومقيت.. رحلة ذاك الزمان ما زالت مدوية في الذاكرة المنقولة وفي الكتب، بل في الأفكار والكره المتبادل.. صحيح أن هنالك مجرد أيام ذهبية حين تصافح الرئيس بشار الأسد مع اردوغان على فتح الحدود وغيره، ثم تبين أن للتركي ما هو مخبأ في عقله من تدمير لسورية مما غير من تلك العلاقة، وما أظهره اردوغان من عداء يتحمل فيه وحده دمار سورية وما جرى من عذابات وموت بالجملة ومن نزوح وخراب ..


لكل شيء موعده في النهاية، ولا بد أن يتفهم الرئيس التركي أن سورية تنهض، وأنها تستعد لما تبقى من أرض محتلة وتعد العدة لها، وفي الكلام الأخير لوزير الخارجية السوري وليد المعلم دلالاته حين اعتبر أن الوجود التركي والأميركي احتلال، وهو كلام يقال علانية بلا مواربة، ومن المفترض أن يتم التفاهم على الانسحاب من الأرض السورية بدون تسويات أو معها.


نعلم أن السكوت أحيانا ترك المدى للسياسة وللدبلوماسية أن تفعل فعلها، ونعلم أن ما يجري تحت الطاولات ووراء الكواليس لم يدخل بعد حيز التنفيذ وقد يأخذ وقتا، إلا أن الأتراك يتذاكون وراء وجودهم الاحتلالي للأرض السورية، وقد بات مفهوما أنهم يريدون إنهاء أية إشارة لاحتلالهم للواء الأسكندرون عن طريق تسويات حالية مع الجانب السوري الذي لم ينس ولن ينسى، وإن فعلها ستظل الذاكرة السورية للأجيال مدوية بأن لها في تركيا أرضا محتلة.. وستظل المسلسلات التلفزيونية السورية تقدم التاريخ العثماني والحكايات السورية ضد وجوده وعسفه، مهما تغير الزمان وتغيرت الوجوه.. ولن يعني السكوت أو وقع ذات يوم نتيجة الإصرار التركي على إطفاء تام لهذه المسألة، الدخول في عالم النسيان النهائي..


يعرف الرئيس التركي أنه في الأرض الخطأ والغلط، وأن ما كان من معلومات وفرتها تلك المسلسلات قد يتحول إلى حقيقة في مرحلة قادمة.. لا يمكن لسوريm أن تقبل بوجود أي جيش غير سوري على أرضها، ولسوف يعامل كمحتل، بمعنى أنه تجوز عليه كل العمليات الحربية بلا توقف.. وهذا رهان موجود ومتوافر، لكن الأمر مركون اليوم للدبلوماسية أن تصل إلى خواتيم يفهم فيها الرئيس التركي كما الأميركي هذا الأمر الذي لا تنازل عنه مهما كلف من أرواح.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=61770