وجهات نظر

باختصار : على وتر الأمة

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

 

عام 1965 غنى عبدالحليم حافظ رائعة الشاعر صلاح جاهين “يا أهلا بالمعارك” .. أغنية طويلة “معاركها” داخل مصر، لكنها لم تنس ان تقول تحديا “ما في حاجة تقول لنا لأ ايش حال يوم تحريرنا فلسطين”، وفي نهايتها أهدت الأمة العربية سلاماً.

الشاعر جاهين استشعر أو ربما ثمة من همس له من المسؤولين أن يكتب أغنيات يفتح فيها أبواب الوضع الداخلي في مصر الذي تحقق، والذي يجب أن يتحقق .. عدد من أغنياته التي كتبها للثورة المصرية وأهداها لجمال عبدالناصر، ركزت على الوضع الداخلي المصري.

الشعراء عادة لهم حس قوي بما يدور حولهم، وخصوصاً في فترة خصبة كتلك التي عاشها الشاعر جاهين وتحت ظلال قائد كبير، والذي من فرط إحساسه الشديد، سقط سقوطاً مدوياً بعد هزيمة يونيو 1967، حين راح كردة فعل يكتب أغنيات خفيفة خارج النص الوطني "خلي بالك من زوزو" و"الدنيا ربيع" وما شابه.

بعد تلك الهزيمة، خرجت أقلام متعددة الاتجاهات، منها الحريصة على الأمة، ومنها المغرضة، لتكتب، وتقول شعرا، منها إعادة الثقة للعربي المحبط، ومنها تكسير ما تبقى من عموده الفقري المحطم.

اليوم ماذا نحتاج، وفي ظروف صعبة بل أمة بأسرها مستهدفة المصير..؟ نحتاج الكثير لرفع الهمة، لكننا نحتاج أكثر لإعادة بناء الإنسان العربي، وخصوصا في تلك الأقطار العربية التي ما زالت ترفع الراية وتنير الشعلة كي لا تنطفئ. تصوروا العراق في لحظة إحساس شاعر كيف خاطبه، فها هو الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب يقول لمن أحبها "أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه".. هو يحبها من خلال العراق والعكس هو الصحيح. المزج بين الذات والموضوع فرادة.

قد لا يصدق عربي أننا ما زلنا تحت تأثير هزيمة يونيو 67، فبعد كل هذه المسافة الطويلة من الزمن، نشعر بثقلها وبما فعلته وبالتغيير الذي أحدثته وبالخسائر التي دفعت .. فكيف بالتالي ونحن نعيش اليوم في عمق الأزمات، والتحديات، والمصير الذي نرى في آخر نفقه ملامح حياة جديدة، دون أن ننسى قراءتها جيدا وما تحمله من إرهاصات لحروب أخرى.

صحيح أننا ننتظر قمة بحجم لقاء ترامب وبوتين كي نعرف أين نحن؟ وأين سنكون؟ لكن زنود قواتنا البطلة في سوريا والعراق وفي لبنان وفي فلسطين… هي التي تجيب على هذين السؤالين .. فنحن عالم مزيته أنه تلقحت أجياله الرئيسية بأفكار صاغتها أحزاب وصنعتها تجارب وقادها قادة أمثال جمال عبدالناصر وحافظ الأسد وصدام حسين واليوم هناك بشار الأسد.

أذكر شعاراً كنا نردده ونحن في مرحلة الشباب الغض وهو عبارة عن نداء حميم يقول “أمة العرب لن تموتي أتحداك باسمها يا فناء” .. جيلنا هذا لم تنقطع حرارته مع الأجيال اللاحقة، فمثلا لم ينس الشاعر جاهين في إحدى أغنياته لأم كلثوم أن يتذكر أن أجيالا طالعة لا بد أن لها دورها، فقال فيها "تعالوا يا أجيال يا رمز الأمل/ من بعد جيلنا واحملوا ما حمل/ وافتكروا فينا واذكرونا بخير/ مع كل خطوة من خطاوي العمل". ألا يستحق جيلنا بعد كل هذا من رد الجميل من الأجيال الجديدة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=53446