وجهات نظر

الإبراهيمي.... بدقات قلب العاشق!

نبيه البرجي


الاعلام تايم _ الديار


لا يزال الاخضر الابراهيمي مفتوناً بلبنان الذي في نظره صيغ من خيوط القمر. القمر إياه، وقد رآه لامارتين يتدحرج بين غابات الصنوبر في الوادي الذي يحمل اسمه. الشاعر والسياسي الفرنسي بلغت به الدهشة حد القول إن القمر كان يطرق الابواب ليتناول العشاء عند اولئك الناس الذين لا يقفلون أبوابهم ليل نهار...


الديبلوماسي الجزائري العتيق، المحنك، والذي لم يكن بحاجة الى قفازات حريرية كان يقول إنه عندما كان يتعامل مع الازمات في لبنان كان يفعل ذلك بدقات قلب العاشق...


الآن، قلب العاشق على لبنان الذي، في نظره، يدار بهلوانياً. هذه المرة يتخلى عن اللغة الرقيقة ليتهم الطبقة السياسية بالوهن، وبالزبائنية، وحتى بالغباء لأنها لا تدري أن مفاعيل الهزات الارتدادية للزلزال قد تكون أشد هولاً من مفاعيل الزلزال...


شخصية سياسية خليجية وتميل الى المقاربة الفكرية، ولاستراتيجية، للأحداث، التقت الابراهيمي الذي سبق وقال إنه لو أصغى الغرب لروسيا لما انتهى الوضع في سورية الى ما وصل اليه الان. كلهم يرقصون في حضرة الحطام...


اذاً، في نظره، الطبقة السياسية في لبنان هي عبارة عن مجموعة من الفيلة وتتصارع داخل غرفة زجاجية، في حين أن لبنان بحاجة الى رجال من أمثال نلسون مانديلا أو المهاتما غاندي وحتى جبران خليل جبران الذي يقول إنه الملهم الحقيقي لارنستوتشي غيفارا...
الابراهيمي يصف لبنان بـ"الظاهرة". يكاد يقول "الظاهرة الالهية". حرب اهلية دمرت كل شيء، وفي لحظة ما "تجول في الدوان تاون، أي حيثما كان مسرح الحرب، فتظن نفسك في الجنة"، في حين أن رجال السياسة يصرون على أن يكون بلدهم "جمهورية جهنم".


لا يثق قطعاً بالغرب. لاريب أن القيم السياسية تطورت كثيراً، ولكن حين ينتخب الاميركيون رئيساً لهم على شاكلة دونالد ترامب الذي لا يفقه الحد الادنى من اللعبة السياسية، أو من اللعبة الاستراتيجية، فكيف يمكن الا نتوقع انهيار الكرة الارضية وليس فقط انهيار الشرق الاوسط؟.


ذاك الغرب الذي يصفه الابراهيمي بـ "الرائع" في الابداع الثقافي والتكنولوجي يصنع الازمات في العالم العربي لكي تبقى الى الابد. يدرك ما هي مسؤولية الانظمة في إبقاء المجتمعات على تخوم القرون الوسطى، لكنه يرى أن دولاً غربية لا تريد لهذه المنطقة من العالم، والتي تتمتع بحساسية جيوستراتيجية خارقة، كما بموارد طبيعية خيالية، أن تشكل قوة فاعلة.


يفترض أن تبقى المنطقة مغارة علي بابا. لا أمل بالنجاة. الايديولوجيات المجنونة هي نتاج تواطؤ جدلي بين رجال السياسة ورجال الدين الذين، في نظره، اذ اقاموا الجدران بين الكائن البشري والله، أقفلوا كل الابواب في وجه العقل، مستذكراً ما فعلوه بابن رشد الذي قال مفكرون غربيون إن بموته ماتت الفلسفة.


الابراهيمي مثقف كبير. مثلما قرأ رينيه ديكارت قرأ محمد اركون، ومثلما قرأ حسن البنا قرأ جان بول سارتر، ومثلما قرأ عبد الرحمن بن خلدون قرأ بيار بورديو وبرتراند راسل. يعتبر أنه آن الاوان للفصل بين الدين والدولة لان المساكنة الخادعة بينهما يجعل كل منها يحطم الآخر.


يسأل الآن أين هو الدين وأين هي الدولة في العالم العربي؟..  في نظره، لامجال لتسوية في سورية الا بتوافق أميركي ـ روسي على قواعد النظام العالمي الجديد. لم يحدث في أي مكان في العالم (وفي التاريخ) مثلما حدث ويحدث في سورية. قيل هناك ثورة، لكن الصراع بدأ، ومنذ اللحظة الاولى، حول من يضع يده على سورية، ليتشتت السوريون في المخيمات أو في المقابر أو على الارصفة أو على الشواطئ...

الذين أداروا الصراع ألغوا ذلك "الشيء العظيم" الذي يدعى الشعب السوري، دون أن يبرئ "الحكومة" من الاخطاء التي ارتكبت.

 

حول لبنان "لماذا الاصرار على وقف العمل بثقافة القمر؟". ينصح بعدم الاطمئنان كثيراً للدول الكبرى. اللبنانيون وحدهم من ينقذ لبنان. الآخرون... ذئاب!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46083