وجهات نظر

عباءات على رقعة الشطرنج

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار

 

هذه ثقافتنا جميعاً، ثقافة القبائل لا ثقافة الدول. باستطاعتكم أن تتمتعوا بقهقهات دونالد ترامب وحتى بقهقهات يوشع بن نون، ومن البيت الأبيض الى حائط المبكى.

أين الشفافية في تبيان الأسباب التي جعلت العلاقات تنفجر، هكذا، على ذلك النحو الدراماتيكي بين المملكة العربية السعودية و.... امبراطورية قطر؟

الدولتان كانتا في خندق واحد في سورية، وفي العراق، وفي اليمن. والتطابق كان مطلقاً بين شاشتي الجزيرة والعربية حيال سائر أزمات المنطقة...

وحين كان القطريون يفتحون الباب أمام تركيا لإقامة قاعدة عسكرية، كان السعوديون يستقبلون رجب طيب اردوغان على أنه السلطان محمد الفاتح...

   ألم يظهر احمد داود اوغلو في احد المجالس الوزارية في جامعة الدول العربية وكأنه عرّاب العرب الذي يزيل سورية (سورية يا جماعة) عن مقعدها دون أن تنجح محاولات شتى في إحلال تلك الهياكل الخشبية محلها؟...

ما هي قنبلة دونالد ترامب التي فجرت مجلس التعاون الخليجي؟ وهل حقاً أن الثمن الذي دفع للرئيس الاميركي، الغارق في الوحول وفي الفضائح، توّج الأمير محمد بن سلمان ملك ملوك العرب؟

الكتاب الخليجيون الذين يفكرون خارج السياق الأوركسترالي للقبيلة، سألوا وتساءلوا ما اذا "كنا عبيد الله أم عبيد أميركا؟".

من يستطيع أن يتصور أن قطر، بإمكاناتها الديموغرافية المحدودة جداً، انتشرت هكذا على أكثر من ساحة، وأحرقت أصابعها في أكثر من أزمة. كما تركت العنان لأنياب فيصل القاسم وأظلافه، كانت بمنأى عن الاستراتيجية الأميركية التي تتوخى بعثرة العرب، ثم بعثرتهم المرة تلو الأخرى، على رقعة الشطرنج.

في أي مكان من العالم تحدث خلافات بين دول متباعدة حضارياً وثقافياً وأيديولوجياً وتاريخياً، ومع ذلك لا تذهب الامور الى ذلك الحد. الشيء الوحيد الذي لم يقم به السعوديون هو إعلان الحرب على تميم بن حمد آل ثاني.

دولتان عربيتان متجاورتان ومتداخلتان في كل شيء الا في هاجس القيادة والتحكم، يصل بهما الخلاف، وتحت عناوين خادعة، حد أن احداهما لا تكتفي بحظر تحليق طائرات الدولة الأخرى في أجوائها، بل وتعطي رعاياها مدة 14 يوماً ليس فقط لتصفية أعمالهم بل ولتصفية وجودهم فيها.

الأميركيون لديهم كل المعلومات حول من أنتج التنظيمات الارهابية، وحول من موّل أو استخدم هذه التنظيمات لدوافع تكتيكية وتتعلق بالدور ما دامت الرؤية الاستراتيجية غير موجودة البتة في قاموس (قواميس) القبائل...

حصار على قطر لأنها تدعم الارهاب وتهدد الأمن الاستراتيجي لدول الخليج. كيف؟

لا أحد يشكك قطعاً في أن "الأخوان المسلمين"، وأن سلكوا خط الأفاعي، ليسوا أكثر من أداة في يد جهاز الاستخبارات هذا أو ذاك. ولا ريب أنهم اتخذوا من الدوحة ملاذاً، ولكن من لا يعرف أن أجهزة الاستخبارات الأميركية كانت على تواصل، وعلى أرض الدوحة بالذات، مع "الأخوان"، ومع "طالبان" وكل المشتقات الاخرى...

الآن يفترض بقطر أن تقفل قناة "الجزيرة". لا امبراطورية اعلامية بعد الآن، وأن تطرد رجال "حماس" من أراضيها مع أنهم تحولوا الى "حالات بيروقراطية ومستعدة لإقامة الدولة الفلسطينية في غزة"، وأن تقطع كل علاقاتها مع ايران والى حد وقف استثمار حقل الغاز المشترك الذي يشكل للبلدين ثروة مستقبلية بعيدة المدى.

ما يجري حلقة في سيناريو الصراع. أين أنقرة لإغاثة الحليف الايديولوجي والاستراتيجي؟ رجب طيب اردوغان الذي يعرف أن هذه أحوال العرب حائر ومشتت..

أياً يكن شكل التسوية، النيران تبقى تحت الرمال. في نهاية المطاف.... عباءات على رقعة الشطرنج!!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45906