وجهات نظر

نعم الوقت غير ملائم لعودة سورية الى الجامعة العربية.. لأن هذه الجامعة لا تستحق هذه العودة

عبد الباري عطوان


الإعلام تايم- رأي اليوم
 


نستغرب رد فعل السيد أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية على دعوة الدكتور ابراهيم الجعفري، وزير خارجية العراق بعودة سورية الى الجامعة العربية، والغاء قرار بتعليق عضويتها في بداية الأزمة، وقوله أن "الوقت غير ملائم لهذه العودة".

الدكتور الجعفري الذي تحدث بلغة مؤدبة ومسؤولة "بمناشدته الأشقاء" بمراجعة قرارهم بتجميد عضوية سورية الذي صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011، أثناء كلمته التي ألقاها في الاجتماع نصف السنوي لمجلس وزراء الخارجية العرب، قدم في الواقع سلماً لزملائه وزراء الخارجية العرب للنزول عن شجرة عنادهم، والتراجع عن قرارهم الخاطىء والمعيب في الوقت نفسه.

فمن غير اللائق أن تحتفظ سورية بعضويتها في الأمم المتحدة، وكل منظماتها الدولية المتخصصة، وتشارك في جلساتها وفعالياتها جنباً الى جنب مع الدول العظمى والدول العربية في آن، ويجري تعليق هذه العضوية في جامعة كانت أحد مؤسسيها، عندما كانت الدول التي التي وقفت خلف عضويتها غير موجودة على الخريطة أصلاً، ومجرد محميات بريطانية.

لا نفهم تبريرات السيد أبو الغيط التي قال فيها ان الوقت غير ملائم لعودة سورية الى الجامعة، ونتمنى عليه أن يقول لنا ما هو الوقت الملائم لهذه العودة من وجهة نظره، والدول الأعضاء التي تريد استمرار هذه  القطيعة.
الدول التي عملت على تجميد عضوية سورية، وضخت المليارات وآلاف الأطنان من الأسلحة في إطار رهاناتها المدعومة أمريكياً، اعتقاداً منها أن أيام "النظام" كانت معدودة جداً، وبدأت تستعد للاحتفال بإشفاء غليلها، خسرت هذا الرهان، ومن المفارقة أن الذين قادوا هذه الحملة في الجامعة العربية، وهما الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والشيخ حمد بن جاسم بن جبير آل ثاني، رئيس وزراء ووزير خارجية دولة قطر، خبا نجمهما، ولم يعودا يقودان دبلوماسية بلديهما، فالأول انتقل الى الرفيق الاعلى، والثاني أبعد من منصبه، وتفرغ لأعماله التجارية.

الرئيس بشار الأسد لم يسقط، واستعاد جيشه ثلاث من أهم المدن السورية (حلب، تدمر، منبج)، أما المعارضة التي أرادت بعض الدول أن تعطيها مقعد سورية في الجامعة، فتجلس حالياً على المائدة نفسها وجها لوجه مع وفد "النظام" السوري، بعد أن كانت تعتبر الجلوس، أو الحديث معه خيانة عظمى لا تغتفر.

 

أشياء كثيرة تغيرت منذ بدء الأزمة السورية قبل ست سنوات باستثناء الجامعة العربية، وعقلية بعض الدول التي ترفض أن تعترف بهذا التغيير، وأبرز ملامحه وجود اتفاق دولي على بقاء "النظام"، وإعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب.
من كان يصدق، أو حتى يتوقع، أن تعتبر المعارضة السورية الممثلة في وفد الهيئة العليا للمفاوضات، ومقرها الرياض، ستصدر بياناً يدين تفجير "هيئة أحرار الشام"، أو النصرة وأخواتها، مركزين أمنيين للنظام في منطقة حمص، باعتباره عملاً إرهابياً رضخوا لمطالب وشروط السيد بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة السورية في مفاوضات جنيف الرابعة؟

لا نعرف ما إذا كان الدكتور ابراهيم الجعفري، وقبله سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي الذي طالب بالشيء نفسه على هامش مؤتمر للتعاون العربي الروسي في أبو ظبي قبل شهرين، كانا قد تشاورا مع الحكومة السورية في دمشق قبل الإقدام على هذه المهمة، أي الغاء تجميد عضوية سورية في الجامعة، وأخذا موافقتها الضمنية بالتالي، وإن كنا نشك في ذلك، لأنه من غير اللائق أن يعود المندوب السوري الى هذه الجامعة دون تلبية الحد الأدنى من الشروط المطلوبة.

نشرح أكثر ونقول أن أبرز هذه الشروط اعتذار الجامعة، أو بالأحرى، الدول التي وقفت خلف قرار التجميد للحكومة والشعب السوري عن هذا الخطأ، أو الخطيئة، والتعهد بتقديم تعويضات كاملة للشعب السوري عما ارتكبته من دمار، وتسببت فيه من أعمال قتل، كلياً أو جزئياً، والا فلا يشرف سورية وشعبها العودة الى هذه الجامعة التي سعت للتدخل العسكري الاجنبي في سورية وليبيا، وقبلهما العراق، ووفرت له "الغطاء الشرعي" العربي.

 

الوقت الملائم لعودة سورية الى مقعدها في الجامعة العربية هو عندما تصبح هذه الجامعة جامعة أولاً، وعربية ثانياً، وتستجدي هذه العودة، وتعبر عن ندمها، وتطلب المغفرة، ونأمل أن يأخذ السيد أبو الغيط هذا في الحسبان.. ونعتقد أن هذا اليوم بات قريباً.. والأيام بيننا

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44004