وجهات نظر

باختصار: من تربى على شيء شاخ عليه !

زهير ماجد


الإعلام تايم -الوطن العمانية

شكراً لوزيرة العدل الأميركية سالي ييتس التي أقالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفضها القبول بمنع مسلمي سبع دول من دخول أميركا .. وهو القرار الذي من الواضح أنه أوجد مشكلة للرئيس، وفتح عليه أبواباً لم تحصل من قبل لأي رئيس أميركي سابق، وحتى لجورج بوش الابن بكل ما فعله من سيئات لبلاده .

منذ هلول ترامب كما يقولون، والتظاهرات لم تتوقف ضده، حتى البريطانيين تجاوزت تواقيعهم المليون رافضين دخوله بلادهم، بل إن الاتحاد الاوروبي اعتبره خطراً .. المفارقة أن بعض البلدان التي منع مواطنوها من دخول أميركا كالعراق مثلاً، هو في حرب ضروس ضد الإرهاب، فيما هنالك بلدان عربية تشجع الإرهاب وتدعمه وتقدم له سبل الحياة كي يستمر ويقوى ويصبح ركناً يصعب القضاء عليه وهو ما يحصل بالفعل، تم تجاوزها.

كان العالم يحلم برئيس أميركي أصيل الانتماء إليه برفق المتأني عليه. فأميركا لا يمكن أن تحكم بموانع، كما لا يمكن أن تحكم بمزاج شخصي، بل أحياناً بمفهوم رئيس عصابة. إنها بلد المؤسسات التي تقاد بعقل الحريص على مستقبل الإنسانية .. ومن المؤسف القول أن ترامب وضع حوله من هم على شاكلته تقريباً، إنه طاقمه الحاكم الذي اختاره بعناية كيلا يكون هنالك فروق في الأفكار والاجتهادات.

نحلم دائماً بأميركا التي أرسلت ذات مرة أكياس معوناتها الى العالم وعلى كل كيس صورة يد تصافح يداً أخرى، في ما يشبه العهد بالمساعدة والمساندة .. تلك الأميركا التي خرجت من الحرب العالمية الثانية المنتصر الأكبر، لم تمارس منذ ذلك الحين سوى الصور الموحية بالاستقامة فيما جل ممارستها عكس ذلك. ومع ذلك تفهم العالم معنى سياستها وكيفيتها، وخصوصاً عندما خاضت حروباً لتطويع بلدان عديدة أو لمحاربة الشيوعية التي انهارت من تلقاء نفسها، وحين ظلت هي القطب الواحد القادر على حكم الأرض، لم تقدم ما يترجم هذه الفكرة.

لقد بدأ العالم في الترحم على أوباما، وعلى سنوات حكمه رغم كل ما قيل عن أنه ساهم وهيلاري كلينتون في ولادة " داعش". لكن الرجل كان عاقلاً، وكانت طبيعة حكمه يتحكم فيها العقل البارد السياسي في كثير من الأحيان. وهو عكس شخصية ترامب التي لم يكن مفاجئاً ما بدأ به وما قد يفعله في المستقبل، وما يخبئه في جعبته من أوهام ليست محل سياسة بل افكار انتقام واحتقار وازدراء .. ولعل من يفهمون التركيبة الشخصية من خلال علاماتها الجسدية يقرون بهذا الأمر ويجدون في ترامب حالة خاصة سوف تخضع العالم لمفاجآت هي من صميم تركيبتها.

فهل نخاف على العالم منه، وفي الطليعة نحن العرب .. لكن هل يمكن له أن يظل غصن شجرة لا ينكسر أمام التحديات التي يؤمل أن تتطور في كثير من هذا العالم . الرهان صعب، لكن الرسالة تقرأ من عنوانها، وإذا كانت البدايات عشرات التواقيع وربما أكثر وكلها حفلات تغيير وتنصيب، فإلى أين يمكن ان تصل الأمور مع هذا الرئيس الواضح في مسيرته قبل أن يبدأ اجزاءها اللاحقة. إنه عالم ترامب بمقاييسه ومستويات عقل عاش على إطلاق الأوامر ولا من يعترض .. كم المال الذي يملك والشركات الكثيرة وأسباب الراحة الكاملة في حياته يصعب أن ينساها أو يتجاوزها، فمن تربى على شيء شاخ عليه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43240