الإعلام تايم -الوطن العمانية إن هذا الاتفاق بقدر ما يمثل محكاً حقيقياً لمصداقية التنظيمات الإرهابية المسلحة والراعي التركي لها، بقدر ما يمثل فرصة حقيقية للتنظيمات الإرهابية للتخلي عن النهج الإرهابي والسلوك المتطرف ولعب دور العمالة، والانتقال نحو الممارسة السلمية العقلانية وإثباتها للشعب السوري أنها معارضة ـ كما تدَّعي ـ تسعى إلى حقن الدماء وتحقيق التطلعات، وبالتالي تجنب ذاتها مواجهة محسومة، مع أهمية الإشارة هنا إلى أن هذه التنظيمات الإرهابية قد تم إكسابها شرعية مجانية ـ في تقديري ـ رغم أن يديها ملطخة بدماء الشعب السوري، ودمرت بصورة ممنهجة البنية الأساسية وبان عوارها وانكشفت عورتها بعلاقتها العضوية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ لذا فإن هذه الشرعية المجانية مع الكم الهائل من الجرائم والتي وصلت إلى جرائم حرب في جوهرها تعد إهانة للشعب السوري، وبالتالي فإن أدنى ما يجب أن تقوم به للتكفير عن هذه الجرائم هو التخلي عن الإرهاب والاعتذار للشعب السوري، والانخراط مع الجيش العربي السوري لمحاربة الإرهاب وتطهير سورية من رجسه، وتجنيب الشعب السوري ويلات التهجير والدمار والهلاك، وهذا ما يجب أن تظهره في هذه المرحلة من خلال الالتزام بوقف إطلاق النار وعدم الاستفزاز والتعاون مع الجيش العربي السوري، وفي المرحلة القادمة أثناء محادثات جنيف المقبلة بالتخلي عن ولائها وانتمائها لأعداء سورية، وإثبات ولائها للدولة السورية. ما كان لافتاً في المؤتمر محاولة ما تسمى بـ"المعارضة" الدفاع المستميت عن ما يسمى "تنظيم جبهة النصرة"، من جهة، واللجوء إلى الاستفزاز من جهة أخرى، في صورة نمطية مكررة لمؤتمرات سابقة كمؤتمر ما يسمى "أصدقاء سوريا" ومؤتمرات جنيف، وهو ما يعكس تعدد الولاءات والانتماءات لصالح قوى الشر والعدوان والإرهاب المتآمرة على سورية، وجعل مما يسمى “"لمعارضة المسلحة" تتحول إلى "معارضات" وباتجاهات وأهداف مختلفة تعبِّر بوجه خاص عن توجه قوة الشر الداعمة صاحبة الولاء والانتماء، أو من حيث الدفاع اللافت والمستميت عن الإرهاب القاعدي والذي لا بد أن يكون حاضراً، وخاصة حين يتعلق بما يسمى تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي فرع تنظيم القاعدة الإرهابي في بلاد الشام. فما أشبه الليلة بالبارحة، حين انبرى رؤوس الإرهاب والتكفير والتدمير والقتل للدفاع عن الإرهاب القاعدي، وتحديداً ما يسمى تنظيم "جبهة النصرة"، وعلى رؤوس الأشهاد وأمام مرأى ومسمع العالم بأجمعه الذي تابع فعاليات محادثات أستانا في يومه الأول، رافضين استهداف التنظيم الإرهابي في وادي بردى رغم أن ما يقوم به هذا التنظيم الإرهابي يعد جريمة حرب، وذلك ليس بقطع المياه عن ما يزيد على خمسة ملايين مواطن سوري فحسب، وإنما بتسميم هذه المياه وصب المازوت وإراقة الفائض منها في الشوارع والأنهار، وهو ما اعتبرته أيضاً الأمم المتحدة جريمة حرب، وكذلك رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه التنظيمات الإرهابية المسلحة المشاركة في مؤتمر أستانا يستثني تنظيمي "داعش والنصرة"، وهذا يعني فيما يعني أن ثمة محاولة كانت لحجز أكثر من مقعد على طاولة المحادثات في أستانا بالأصالة والوكالة لـ"تنظيم النصرة" الإرهابي. فدفاع وفد التنظيمات الإرهابية المسلحة عن تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي في أستانا يذكرنا بذلك المشهد الذي ظهر فيه معاذ الخطيب رئيس ما يسمى الائتلاف الوطني السوري المعارض في ما يسمى "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي التأم في مراكش آنذاك حين (طالب بعدم اعتبار النصرة منظمة إرهابية؛ لأن حالها حال "المعارضة" تعمل على الإطاحة بالحكومة). وهذا بدوره يعبِّر عن الفكر الأيديولوجي المتطرف الجامع لهذه التنظيمات الإرهابية المسلحة وإن تعددت مسمياتها، وحاولت أن تتدثر ظاهريا بثوب الاعتدال، والذي (أي الفكر الأيديولوجي) عماده التكفير والإرهاب والتدمير.
إن الحضور اللافت للتنظيمات الإرهابية في مؤتمر أستانا ـ في تصوري ـ يكشف أمرين واضحين ومعلومين: الثاني: قبول بعض القوى المعادية لسورية أولًا باتفاق وقف إطلاق النار، وثانيًا بمشاركة أدواتها الإرهابية في مؤتمر أستانا، مرتبط بحالة الانتقال للسلطة في الولايات المتحدة، وعدم الظهور بمظهر الداعم والممارس للإرهاب لحين معرفة التوجه الحقيقي للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، ومحاولة بعض التنظيمات الإرهابية تفخيخ المؤتمر بأطروحات خارج السياق وبإيعاز واضح من القوى الداعمة صاحبة الولاء والانتماء، يشي بالاستعداد لإفشال المؤتمر كما فعلت ذلك من قبل بإفشالها مؤتمرات جنيف واجتماعات فيينا. |
||||||||
|