وجهات نظر

وقف جديد لإطلاق النار في اليمن: هل يقرّ السعودي بهزيمته؟

هشام الهبيشان


الإعلام تايم - البناء

يراقب العالم كله، اليوم، مسار ونتائج وتداعيات الحرب السعودية الشعواء على اليمن، خصوصاً بعد مجزرة ومحرقة صالة عزاء صنعاء. هذه الحرب العدوانية التي تعتبر، في توقيتها ونتائجها المستقبلية، عنواناً لمرحلة جديدة، قد تغرق المنطقة بأكملها، في مسار فوضوي قد يمتدّ لسنوات عدة. هذه الحرب العدوانية، التي وصفها بعض الساسة السعوديين عند بدايتها بـ"الصفعة القوية للتمدّد الايراني في المنطقة العربية".

 

هنا بالتحديد، نعرف جميعاً في المحصلة، أنّ النظام السعودي هو الذي تلقى الصفعة الكبرى والقوية، نتيجة هذه المغامرة. وبغضّ النظر عن الأسباب المعلنة، أو المخفية وراء الكواليس، للعدوان السعودي على الدولة اليمنية، يمكن القول، اليوم، إنّ النظام السعودي أخذ المنطقة العربية والإقليم ككلّ، إلى مغامرة ومقامرة جديدة، ستكون لها تداعيات ونتائج خطيرة، بل خطيرة جداً.

 

القوى الإقليمية والدولية بدورها، تدرك جيداً، أنّ مغامرة السعوديين الأخيرة، على حدودهم الجنوبية وإشعال فتيل حرب وصراع جديد في المنطقة، كانت لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب. وتدرك هذه القوى، أنه ستكون لنتائج هذه الحرب العدوانية، آثار كارثية على مستقبل المنطقة وأمنها. والمرحلة المقبلة، من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهّنات والتساؤلات، بل المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ، مرحلياً، بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً.

 

وعندما نتحدث عن مغامرة النظام السعودي في اليمن، وهذه الحرب العدوانية، لا يمكننا، أبداً، أن نفصل ما يقوم به النظام السعودي في اليمن، عما جرى وما زال يجري وما يقوم به النظام السعودي من مغامرات مباشرة وغير مباشرة، في سورية والعراق وليبيا، فاليوم هناك ترابط عضوي بين مجموع هذه الأحداث والنظام السعودي بالدرجة الأولى، يتحمّل جزءاً كبيراً من نتائجها، فهناك معادلة شاملة لكلّ الأحداث والحروب والصراعات التي تعصف بالمنطقة ومن الطبيعي أن تكون لهذه المعادلة "أدوات تحركها".

 

بالعودة إلى الملف اليمني، بعد مرور ما يقارب العام ونصف العام على الحرب العدوانية السعودية على اليمن، يمكننا القول أنّ اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة هذه الحرب. وهم اليوم يعملون على التصدّي والردّ على هذه الحرب العدوانية. وهناك معلومات مصدرها دوائر صنع القرار العسكري اليمني، التابعة للجيش اليمني وانصار الله، تؤكد أنّ هناك اليوم تحضيرات عسكرية كبرى للردّ على هذا العدوان، بشكل مباشر، من خلال العمل على تدعيم خطوط الدفاع العسكرية الأولى بالشمال اليمني والسعي لاسترداد بعض المحافظات الجنوبية، التي أصبح بعضها وبفضل العدوان السعودي، مرتعاً خصباً للتنظيمات المتطرفة كـ"داعش" و"القاعدة" وغيرها. وعلى محور آخر، يبدو واضحاً أنّ هناك عملاً عسكرياً قد بدأ على أرض الواقع فعلياً، يقوده الجيش اليمني وأنصار الله، يهدف إلى التعمّق داخل مدن الجنوب السعودي، مثل جيزان ونجران المحاذية للحدود الشمالية اليمنية.

 

السعوديون بدورهم، يدركون جيداً حجم الضرر والخطر اللذين قد يلحقان بالمملكة، نتيجة هذا الخطأ الفادح وتأكيد فشل هذه المغامرة وهذه الحرب العدوانية على اليمن، خصوصاً بعد انهيار تحالفهم العشري. ولهذا بدأوا، اليوم، فعلياً، يبحثون عن مخارج سياسية ويتخبّطون بتصريحاتهم السياسية والعسكرية، عن نتائج ومستقبل هذه الحرب العدوانية على اليمن. اليوم، هناك حديث عن وقف إطلاق نار شامل في اليمن والمتوقع وفق المعلومات المسرّبة، أن يكون بشكل دائم "مرحلياً". هذا ما أكدت عليه بعض القوى الدولية والأممية الراعية لهذه المحادثات، الهادفة إلى إنقاذ النظام السعودي، الذي غرق كثيراً في المستنقع اليمني. وبدأت هذه القوى الدولية وبعضها حليف للنظام السعودي، تخشى فعلياً، من انهيار مفاجئ وهزيمة مباشرة للحليف السعودي، في اليمن.

 

في هذه المرحلة، من الواضح أنّ هناك قلقاً فعلياً في دوائر صنع القرار الأميركي، من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب، على الحليف السعودي بالدرجة الأولى وعلى مستقبل وتطورات ونتائج هذه الحرب. طبعاً، هذا القلق نابع من براغماتية واشنطن النفعية، التي تتلخص في خشيتها من اندلاع حرب مفتوحة في المنطقة، ستضرّ بانسيابية تدفق النفط الخليجي من باب المندب إلى الغرب. وقد تتطور إلى حرب إقليمية مفتوحة، قد يكون "الإسرائيليون" جزءاً منها، هذا ما تخشاه واشنطن اليوم، لذلك، هي تعمل على إضعاف كلّ العوامل التي قد تؤدّي الى تبلور معالم هذه الحرب.

 

ختاماً، يبدو أنّ الساعات المقبلة، ستحمل مزيدا من التطورات في الملف اليمني، خصوصاً مع حديث البعض عن قرب التوصل لاتفاق سياسي ووقف لاطلاق النار. كل هذا الحديث يجري، في الوقت الذي تستمرّ فيه تفاصيل الحرب العدوانية على الشعب اليمني. لكن، في حال فشل التوصل لهذا الاتفاق، من المتوقع أن تكون لتداعيات هذا الفشل "سيناريوات" وتداعيات عدة، سنشهدها مع مرور الأيام. فهل يستطيع السعوديون تحمّل تداعياتها، خصوصاً أنّ لهم تجارب عدة في الصراع مع الشعب اليمني، منذ عام 1934. ومن هنا، سننتظر المقبل من الأيام، لنقرأ نتائج هذه التطورات بشكل واضح.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=40441