الإعلام تايم - مقالات وآراء
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ألمح إلى الخطة البديلة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ دون أن يكشف عن تفاصيلها، ما يعني أن لدى الإدارة الأمريكية تصور آخر غير الذي تم الاتفاق عليه حول وقف العدائيات بالتزامن مع مواصلة المفاوضات السياسية حول الأزمة في إطار حوار سوري ـ سوري .
هناك سؤال يطرح نفسه، ماذا استبقت واشنطن؟ وما هو الشيء الذي ادخرته ولم تفعله، لجهة استهداف وتدمير الدولة السورية بمكوناتها الجغرافية والسياسية؟
في المرة السابقة فعلها الروسي وقدم المساعدة ومد يد العون للجانب الأميركي بعد سلسلة تهديداته وتدخله بالقرار السيادي للدولة السورية ، تحت شعارات وحجج واهية كالسلاح الكيميائي في سورية وحشد أساطيله في المتوسط قبالة الساحل السوري، ثم انكفأ وتراجع متناسياً ترسانة السلاح النووي المتوفر لدى الكيان الصهيوني الذي يدمر الكرة الأرضية بأسرها، هل الموقف الروسي في هذه الحالة يخدم ذات الأهداف كسابقتها في حفظ ماء وجه واشنطن؟؟
وزير الخارجية سيرغي لافروف، أكد أنه لا توجد أي خطة بديلة عما تم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة حول "وقف العدائيات" في سورية، ودعم المسار السياسي لحل الأزمة.
التنادي والدعوة لتشكيل قوات برية عربية للتدخل في سورية بحجة محاربة "داعش" هي أساساً فكرة أمريكية لم تتخل عنها إدارة أوباما، وأوكلت هذه المهام للمملكة الوهابية تحت غطاء "تحالف عربي إسلامي" وهي لقيت دعماً كبيراً من أطراف العدوان على الدولة السورية كتركيا وقطر والإمارات .
ما يجري في المنطقة العربية هو استمرار للمخطط الأمريكي الذي أعلن عنه مستشار الأمن القومي السابق "زبيغنيو برجينسكي"، في كتابه بين "عصرين" والذي دعا فيه للاعتماد على الأصولية الدينية، وهيمنة رجال الدين وإشعال حروب الأديان والطوائف، وتقوية التيارات الدينية التي لا ترى العالم إلا من زاوية الدين والخلافات الدينية، وهذا ما أسفر عنه ظهور تنظيم "القاعدة" ثم "داعش" لتدخل المنطقة العربية في دوامة من الحروب والصراعات الطائفية التي تقضي على الأخضر واليابس، ولن تستثني حجر أو بشر، إلى جانب استنزاف أموالهم في سباق تسلح بعيداً عن تحقيق تنمية حقيقية ورفع مستوى معيشة المواطنين.
إن ما تقوم به واشنطن وحلفاؤها توضح أن الحقيقة المطلقة للسياسة العدوانية والهيمنة على الشعوب المقهورة والمظلومة التي مارستها واشنطن وحلفاؤها أظهرتها بشكل جلي الحرب على الدولة السورية، عنوان الصمود والصلابة وأما ما يتشدقون به عن تطبيق الديمقراطية التي تخفت وراءها كل الإدارات الامريكية من جمهوريين وديمقراطيين ما هو إلا ذريعة ومسوغات ومبررات للاعتداء على السيادة الوطنية للدول المستقلة ودعم ظروف اللااستقرار لاستمرار عمال العنف والاضطرابات وامتداد وتنامي الإرهاب والتطرف الديني في الشرق الاوسط وشمال افريقية.
وما القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي ووزراء الخارجية العرب عدا لبنان والعراق والجزائر بتصنيف المقاومة الوطنية اللبنانية المتمثلة بحزب الله كمنظمة ارهابية يخدم ذات السياسة القائمة على التصعيد والتجييش المذهبي والطائفي في المنطقة كما دعا لها "زبيغنيو برجينسكي" خدمة للمشروع الصهيوأمريكي خليجي.
هذا ما تبين بالدليل القاطع عندما أعطيت الأوامر إلى وفد آل سعود بالانسحاب من محادثات جنيف 3 بعد الشروط المسبقة غير قابلة للتنفيذ ولا يقبلها الشعب السوري ولا الدولة السورية، تضمن وقف الحملات العسكرية الروسية السورية ، وإقامة حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة ورحيل الرئيس بشار الأسد من السلطة ،هذا يؤكد على أن قرارها التدخل العسكري البري في الحرب لا علاقة له بالحرب على داعش بل هو لإسقاط الدولة السورية.
إن الدولة السورية وبمسؤولية وطنية سقوفها عالية ، تحاول منذ بداية هذه الحرب الظالمة التي فرضت على الدولة السورية وشعبها اعتماد دبلوماسية رفيعة المستوى لسد الذرائع والمبررات التي تتيح لهم العدوان على الدولة السورية ومزيد من سفك الدم السوري فكان استجابتها دائماً وبمرونة عالية المستوى لمطالبات المجتمع الدولي والتنسيق مع الأصدقاء في المحافل الدولية منذ قدوم الجنرال محمد الدابي وصولاً إلى ما يحفز للحوار والمباحثات من قبل ديمستورا في جنيف على قاعدة أن يكون الحوار سوري سوري بعيداً عن أي أجندات اخرى تمس السيادة الوطنية والقرار الوطني السوري حفاظاً على الدولة السورية أرضاً وشعباً يرفرف علمها ذو النجمتين الخضراوين على كامل الجغرافية السورية بسهولها وروابيها وجبالها الشامخة المتجذرة في الوجدان والحضارة الإنسانية.
إن الوفد المعين من قبل آل سعود في الرياض للحوار في جنيف ليس سوى واجهة سياسية للتصعيد العسكري والأعمال العدوانية على الشعب والدولة السورية وما يدعم هذا القول هو التصعيد الكلامي من واشنطن إلى الاطلسي وصولاً إلى آل سعود في مجملها اوراق ضغط تمارسها واشنطن لتحقيق مكاسب سياسية، في ظل التغيرات الميدانية والانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على كامل الجغرافية السورية وبموازاة التسويات والمصالحات الوطنية لجهة ان هذه التغيرات الميدانية والمصالحات تؤدي الى تغيرات سياسية تصب في مصلحة الدولة السورية، وهذا ما تخشاه واشنطن وحلفاءها ويعملون على إجهاضه وفق معايير بريجنسكي. |
||||||||
|