وجهات نظر

لَحْن الحرب البرية لم يعد يطرب أحداً

صياح عزام


الوطن- الإعلام تايم

نبرةٌ حادّة تطبع التصريحات الرسمية التركية والسعودية تجاه سورية في ضوء الواقع السائد الآن، مع ملاحظة مهمة، وهي أن تصريحات كبار المسؤولين في كلتا الدولتين تشبه بعضها بعضاً، لدرجة أن العديد من المراقبين السياسيين لم يعودوا قادرين على التمييز بين "الناسخ والمنسوخ" منها… تركيا تهدد بما تسميه "رداً حاسماً" على روسيا التي نعتتها بـ"المنظمة الإرهابية"، والعائلة الحاكمة السعودية تكرر أسطوانتها "المشروخة"التي حفظها "الجبير" من دون أن يحفظ غيرها، وهي أن الرئيس السوري عليه أن يكون بين خيارين: التنحي طوعاً، أو التنحية بالقوة حسب تعبيره السخيف، لكن ما يلفت النظر، أن مثل هذه التصريحات ما إن تنتهي حتى تعقبها موجة جديدة من التصريحات على لسان مسؤولين أتراك وسعوديين تذهب في اتجاه مغاير، أولها طابع الليونة أو المناورة… مثلاً، رئيس الوزراء التركي (أحمد داوود أغلو) ومن قبله وزير الدفاع التركي، ينفيان أي توجه للتورط في حرب برية في سورية، والمملكة السعودية تترك مسألة "القوة البرية" لواشنطن، مع تسريبات إعلامية بأن المسألة السورية خلقت مشكلة بينها وبين الولايات المتحدة، ووصف لسياسة الرئيس (أوباما) بأنها سياسة مترددة وتتخلى عن حلفائها.

 

أما الموقف الميداني على الأرض في سورية فهو يسير قدماً لصالح سورية من خلال المكاسب التي حققها الجيش السوري بدعم من حلفائه وفي المقدمة منهم روسيا، باستعادة مئات القرى والبلدات والتلال الحاكمة في ريف اللاذقية وفي ريف حلب وفي درعا وغيرها من الجبهات علاوة على ذلك، فإن وحدات الحماية الشعبية الكردية التي تُعتبر حديثة العهد بالسلاح والتدريب، والمتواضعة العدد والعدّة ترفض تهديدات (أردوغان) لها بمغادرة مطار "منغ العسكري" على الرغم من القصف المدفعي التركي له، وترد على هذه التهديدات باستعادة بلدة إستراتيجية مهمة، هي "تل رفعت".

 

يبقى السؤال المحير بلا جواب حول التصريحات النارية والمناورة أحياناً أخرى كما أشرنا قبل قليل، هل هناك ما يوحي بلحظة انعطاف في السياستين التركية والسعودية حيال سورية، أم إن هذه التصريحات هدفها التهويل والابتزاز في أي جولات تفاوضية مقبلة؟ وإلى أي مدى ستستمر فوضى مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والمكابرة بآن واحد، وخاصة بعد أن فقدت قيمتها وتأثيرها بمثابة عنصر ضغط على الأصدقاء والخصوم معاً؟

 

إن المراقبين السياسيين والعسكريين باتوا أكثر قناعة باستبعاد قيام الحليفين (تركيا والسعودية) بمجازفة جديدة منفردة في سورية لعدة أسباب، أو بالأحرى متاعب داخلية وعوامل خارجية تتعلق بمثل هذه المجازفة غير محسوبة النتائج، لماذا؟

 

السعودية تغوص في وحول اليمن، وحسب مجريات الميدان اليمني، فالانتصارات التي تعلن عنها السعودية لقوات التحالف الذي تقوده هي انتصارات (فضائية) فقط، وتشير حقائق هذه الحرب الظالمة بأنها قد تستمر لعام آخر على أقل تقدير مع توقعات بخسائر هائلة للسعودية وحلفائها.

 

أما بالنسبة لتركيا، فقد كان الرد الأميركي على "النوبة الهيستيرية التصعيدية" التي حكمت تصرفات "أردوغان" متجسداً في أمرين اثنين أولهما: الطلب من أردوغان فتح حوار مع روسيا لتهدئة التوتر بين الطرفين، علماً بأن الرئيس بوتين رفض أكثر من مرة لقاء أردوغان، والثاني: ضرورة التوقف عن القصف التركي للأكراد ولما تسمى قوات سورية الديمقراطية، بالطبع مثل هذا الموقف الأميركي شكل صفعة قوية للسلطان العثماني.

 

كذلك تجدر الإشارة إلى أن روسيا تستعجل اجتماع فريق العمل الدولي المعني بوضع ترتيبات لموقف ما سمي "الأعمال العدائية".

 

باختصار، الواضح أن الرياض وأنقرة عاجزتان عن القدرة على ترجمة أحلامهما بإسقاط الدولة السورية، في ضوء عزفهما المنفرد للحن الحرب البرية على سورية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32020