وجهات نظر

إسرائيل تتحسب من خطر «داعش»: يهدّد الحدود ..ويزداد انتشاراً في الداخل

حلمي موسى


كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن اعتقال أجهزة الأمن الإسرائيلية فلسطينيين من مناطق 48 بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» أو السعي للالتحاق بصفوفه. وبين فترة وأخرى، كانت تُنشر أخبارٌ عن مقتل فلسطينيين من أبناء هذه المنطقة في سوريا، أو اعتقال السلطات الإسرائيلية أعضاءً بعد عودتهم من القتال هناك. وبحسب تقديرات نشرتها أوساط إسرائيلية، فإن هناك ما بين 100 إلى 150 شخصاً تم اعتقالهم أو أنهم يحاربون في صفوف «داعش» في سوريا. غير أن الجديد هو أنه تم كشف النقاب للمرة الأولى عن شاب من فلسطينيي 48 سبق وخدم في الجيش الإسرائيلي قبل أن يقرر الالتحاق بصفوف «داعش».


وأشار موقع «والا» إلى أن شاباً من فلسطينيي 48 سبق وخدم في الجيش الإسرائيلي يقاتل حالياً في صفوف «داعش». وهذا الشاب، الذي أنهى في العام 2014 تطوعه في الجيش الإسرائيلي، ترك البلاد قبل مدة وسافر إلى تركيا، ومنها اتجه إلى سوريا ليلتحق بالتنظيم المتطرف. وذكر الموقع أن الشاب حمل معه بطاقة التعريف العسكرية الإسرائيلية.


ونقل مراسل الشؤون العربية في الموقع عن مصادر قولها إن «هناك ما بين 100 إلى 150 عربياً يحملون الجنسية الإسرائيلية انتموا أو يقاتلون حالياً في صفوف داعش»، لكن هذه هي المرة الأولى التي ينضم فيها جندي إسرائيلي مُسّرح إلى التنظيم. ومن المؤكد أن مثل هذا النبأ يضيء الكثير من مصابيح الإنذار في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً أن الحديث يدور عن شاب تلقى تدريباً عسكرياً ويحمل بطاقة خدمة عسكرية، ويمكنه دخول الكثير من المناطق.
ومعروفٌ أن قانون الخدمة العسكرية الإلزامية لا يسري في إسرائيل على فلسطينيي الـ48 باستثناء أبناء الطائفة الدرزية وأبناء عدد من القبائل البدوية. ومع ذلك، هناك من يتطوع للخدمة العسكرية من بين أبناء الطوائف الإسلامية والمسيحية العربية، فضلاً عن الخدمة الإلزامية المفروضة على أبناء قريتين شركسيتين في الجليل الأسفل.


وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قدمت قبل ثلاثة أيام لائحة اتهام ضد خمسة من سكان مدينة الناصرة، هم من أبناء عائلة واحدة. وجرى اتهام هؤلاء بدعم تنظيم غير مسموح به وارتكاب مخالفات تتعلق بالأسلحة والتآمر لارتكاب مخالفة وإطلاق النار في منطقة مبنية. وتتهم اللائحة الخمسة بتبني أفكار «داعش» وحمل السلاح والتدرب على إطلاق النار. وسبق للنيابة الإسرائيلية أيضاً أن أمرت باعتقال خمسة شبان من بلدة جلجولية بتهم الانتماء إلى «داعش» ومحاولة الذهاب إلى سوريا للقتال في صفوفه.


وفي كل حال، فإن الأوساط الأمنية الإسرائيلية تتحسب من اقتراب «داعش» من العمل ضد أهداف إسرائيلية، خصوصاً أنه صار يتواجد في مناطق احتكاك تزداد سخونة. وفي نظر إسرائيل، يتواجد «داعش» في شبه جزيرة سيناء، وفي سوريا والأردن، وحتى في لبنان. ولكن ما يقلق إسرائيل على وجه الخصوص ازدياد انتشار التأييد لـ «داعش» في الأراضي الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، وحتى داخل أراضي 48.


ومؤخراً صارت أجهزة الأمن الإسرائيلية تتحدث علناً عن مراقبتها «داعش» الذي يمثل تحدياً بالغ التعقيد لها وللأجهزة الأمنية في العالم. وينطلق القلق الإسرائيلي من حقيقة أن معظم عمليات التنظيم تنطلق على طريقة «إصنع العملية بنفسك»، ولا تحتاج لأجهزة تنظيمية كبيرة يسهل مراقبتها. ويتزايد الاهتمام بـ «داعش» الذي صار له مراكز تأثير كبيرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي ويثير تعاطف الحالمين باستعادة «دولة الخلافة الإسلامية».


وسبق لمواقع إسرائيلية أن لخصت خطر «داعش» بأن أشارت إلى محاولاته الانتشار في ريف درعا جنوب سوريا ومحاولة إبرام تحالفات مع قبائل بدوية، وهي محاولات لم تنجح بسبب دور الاستخبارات الأردنية. ولكن لـ «داعش» مكانةٌ مهما صغرت بين مئات آلاف اللاجئين السوريين في الأردن، وهو ما دفع إسرائيل إلى مواجهة هذا الخطر عبر بناء سياج أمني جديد بتكلفة عالية على الحدود مع الأردن.


وفي سوريا، تلحظ إسرائيل احتمالات تراجع قوة «داعش» جراء تكثيف التواجد والضربات الروسية من ناحية، واهتمام العالم بمواجهته بعد اكتشاف خطره. وتؤمن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الروس جادون في محاربة التنظيم المتطرف، وأنهم خلافاً لتجربتهم في أفغانستان، يبدون أشد حزماً بسبب الخشية من تراكم قوة «داعش» وتزايد خطره على روسيا ذاتها. ومع ذلك، تؤمن إسرائيل أن كل الضربات الأميركية والأردنية والروسية لن تقتل التنظيم، ولكنها ستلحق به الضرر الكبير. وفي هذا السياق، لا يستبعد الجيش الإسرائيلي أن تُعقد معه لاحقاً تحالفات عسكرية ضد «داعش».


وبرغم العداء الشديد بين «داعش» و «حزب الله»، فإن إسرائيل تتوقع الخطر أيضاً من لبنان، حيث يمكن لخلايا التنظيم الإرهابي أن تفلت من رادار مراقبة «حزب الله» في الأراضي اللبنانية لتصل إلى الحدود. وفي سيناء، تؤمن إسرائيل أن الأمر مسألة وقت قبل أن تتمكن خلايا «داعش» في سيناء من توجيه النيران إليها، برغم انشغالها بالمعركة مع الجيش المصري. وتُعتبر إيلات البطن الرخوة في منظومة الأمن الإسرائيلي في سيناء.


ولكن يبدو أن أنظار إسرائيل تتجه بقوة نحو ما يجري على هذا الصعيد في الأراضي الفلسطينية. ففي قطاع غزة، هناك علاقة حب وكراهية بين «حماس» و «داعش». وفي الضفة الغربية، توافقٌ وتكثيفٌ لجهود مشتركة بين «الشاباك» الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية في ظل استطلاعات رأي تفيد بتأييد 14 في المئة من السكان لـ»داعش». أما الخطر داخل مناطق الـ48، فهو يزداد بازدياد التطرف الإسرائيلي.


السفير
الاعلام تايم

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=29201