نافذة على الصحافة

مفاوضات على إيقاع المقاومة الفلسطينية




كتب خميس بن عبيد القطيطي في صحيفة الوطن العمانية تحت عنوان "مفاوضات على إيقاع المقاومة الفلسطينية":
 

تبدو في الأُفق اليوم ملامح انفراجة في المفاوضات بين فصائل المقاومة الفلسطينية وكيان العدوان الصهيوني الَّتي -بلا شك- فرضتها حالة الصمود الكبير للمقاومة الفلسطينية توازت مع ملحمة صمود أسطوري سجلها أبناء الشعب الفلسطيني في قِطاع غزَّة بعد ما يقرب من خمسة شهور منذ بدء العدوان على القِطاع. وما كان لهذا العدوِّ المارق أن يستجيبَ لمفاوضات الحلِّ لو حقَّق -كما يزعم- تلك الأهداف الَّتي وضعها في بداية عدوانه على قِطاع غزَّة، ولكن ضربات المقاومة والصُّمود العظيم لأكثر من (144) يوماً استمرَّت فيها كمائن المقاومة وصواريخها في ظلّ عدم قدرة جيشه على تدمير أنفاق المقاومة، وعدم قدرته على إجهاض قدرات المقاومة، وعدم قدرته على إعادة أسْراه، وفشله في سياسة التجويع وتوسيع الدَّمار وتشديد الحصار، وانعدام سبل الحياة في قطاع غزة، لذلك فشل في تحقيق مآربه وأهدافه. وما زالت الأزمة السياسية تضيق الخناق على حكومته.. كل ذلك بفعل حالة الصمود الأسطوري الَّتي سجلتها المقاومة العظيمة، وسطَّرتها ملحمة الشَّرف والكرامة لأولئك العظماء الَّذين عاشوا طوال معركة طوفان الأقصى تحت الأنفاق في معركة جهاد واستشهاد وسجود لله جلَّ وعَلا الَّذي قدَّر هذا الابتلاء العظيم، فكان رجال الله في الزَّمان والمكان على قدر أهْلِ العزم والعزائم، متمسِّكين بوعده سبحانه، ولينصرنَّ الله مَن ينصره إنَّ الله لقوي عزيز.


الحمد لله الَّذي بَشَرنا بالنَّصر المؤزَّر الَّذي لَمْ يخفُتْ صداه، الحمد لله الَّذي قدَّر الرِّباط في بيت المقدس وأكنافه، الحمد لله الَّذي وعدَنا بالنَّصر المُبِين فقال سبحانه: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا». ها هو يوم السَّابع من أكتوبر يُسجِّل إحدى ملاحم البشرى لَمْ تنثنِ أقدام الأبطال المجاهدين، ولَمْ تَلِنْ عزائمهم، ولَمْ تخذلْ إرادتهم رغم شدَّة الابتلاء وكانوا على يقينٍ صادقٍ بنصر الله قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الحمد لله الَّذي نصَر عباده المؤمنين الصَّادقين.


ما يتواتر من أخبار المفاوضات يؤكِّد حقيقة النَّصر العظيم.. نَعَم لقَدْ فرضت المقاومة الباسلة إيقاعها على المفاوضات بعد رفض الصهاينة القَبول ببعض الشروط، مِنْها رفض إعادة السكان لشمال قِطاع غزة، بهدف إقامة منطقة عازلة ورفض إدخال المعدَّات الثقيلة لبدء الإعمار العاجل، ففرضت المقاومة إعادة النَّازحين إلى الشمال، وإدخال المعدات الثقيلة لبدء إعادة الإعمار بشكلٍ عاجل. ولا شك أن أبرزَ الأولويات هو الحالة الإنسانيَّة وإدخال المساعدات لسكَّان القِطاع يتزامن مع تمدد الهدنة الإنسانية ووقفِ إطلاق النَّار، لِيتمَّ البناء عَلَيْها لاحقاً صفقة مفاوضات جديدة لوقفٍ شامل إذا رغب العدوُّ الصهيوني في إعادة بقيَّة أسراه من القيادات والجنود الَّذين تحتفظ بِهم قيادة المقاومة بما يقارب المئة أسير، وهي القضيَّة المحوريَّة الَّتي سيتمُّ البناء عَلَيْها في صفقات تبادل وشروط أخرى أكبر لصالح المقاومة ولصالح قِطاع غزَّة بشكلٍ عامٍّ.


الأسرى الفلسطينيون الَّذين سيتمُّ الإفراج عَنْهم -حسب ما سرب من بنود المفاوضات- هُمْ (400) أسير من أصحاب الأحكام العالية مقابل (40) أسيراً من النِّساء وكبار السِّن. وهُمْ في الأصْلِ عملة خاملة لدى المقاومة، ولكن القبضة القويَّة الَّتي تحتفظ بِها المقاومة هُمُ الأسرى العسكريون ورفات بعض القادة الَّذين يُمثِّلون ثمناً أكبر في المفاوضات اللاحقة. هنا تبرز أهمُّ نتائج معركة طوفان الأقصى، الَّتي لَمْ تبدأ إلَّا بعد حسابات دقيقة، أخذت على عاتقها تحمل كُلَّ النتائج المترتِّبة عَلَيْها. وها هي اليوم بعد ما يناهز الخمسة أشْهُر تُسجِّل للعالَم نتائجها الَّتي لَنْ تبقَى على النِّطاق الفلسطيني، بل ستتجاوز تأثيراتها وحدودها لِتصلَ إلى أعالي البحار والمحيطات، لِيسجِّلَ الطوفان نتائج أعْظم في المشهد السِّياسي الإقليمي والعالَمي بإذن الله، ولله الأمْرُ من قَبل ومن بَعد.


هنيئاً لكُمْ أيُّها المناضلون الأبطال، هنيئاً لكُمْ هذا الاصطفاء، وهذا الابتلاء، وهذا الإنجاز الَّذي لَمْ يكُنْ لِيتحقَّقَ لولا صمودكم الأسطوري، وإيمانكم الرَّاسخ، وعزيمتكم الَّتي لَمْ تلِنْ، هنيئاً لكُمُ الإيمان بقضيَّتكم ومشروعكم العظيم الَّذي بدأ يتجسَّد على أرض الواقع، هنيئاً لكُمْ فشَل عدوِّكم وإساءة وجْهه أمام العالَم، وسُمُوُّ القضيَّة وتصدُّرها أمام دوَل العالَم وشعوبها الَّتي وقفت إلى جانبكم بفطرتها الإنسانيَّة السَّليمة، هنيئاً لكُمْ تلك التَّضحيات وتلك الانتصارات، وكسر إرادة المحتلِّ وهزيمة خططه وقَدْ باءت بالفشل والخيبة. نَعَم لقَدْ أفرحتُمقلوبَ قومٍ مؤمنين عاشوا معكم بأرواحهم ووجدانهم وضمائرهم الحيَّة وما النَّصر إلَّا من عِنْد الله، قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بَشَرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) الحمد لله والله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنين.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=97347