نافذة على الصحافة

سورية وتركيا وطريق المصالحة


على الرغم من أهمية الأحداث التي تحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخطورتها فإننا نستطيع أن نقول إن هذه الأحداث غطت شاشات العالم وأبعدت الاهتمام الإعلامي عن سورية وربما قطعته.


وغاب في الأشهر الأخيرة -بحسب مقال لمحمد نور الدين نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية- بصورة شبه كلّية الحديث عن تطوّر مسار العلاقات بين تركيا وسورية، ولا سيما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية التركية، في أيار الماضي.
وقال الكاتب: بدا، كما لو أن "فقاعة" الرغبة في المصالحة التي أَطلقها الجانب التركي منذ سنة ونصف السنة، لم تكن تنظر إلى أبعد من أنف تلك الانتخابات، حتى إذا فاز رجب طيب إردوغان بالرئاسة من جديد، دخلت تلك الرغبة مجدّداً في غياهب النسيان. ومع ذلك، فإن المواقف التركية المتمحورة حول المسألة نفسها، ظلّت تتوالى على لسان أكثر من مسؤول رفيع المستوى، وإنْ في سياق عَرَضي.

وتابع الكاتب: وفي هذا الجانب، يمكن الإشارة إلى موقفَين: الأول، لوزير الدفاع، ياشار غولر، الذي قال في الـ17 من كانون الأول الماضي إن "تركيا تواصل نشاطها في تقديم المساعدات الإنسانية وإقامة بنى تحتية من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها في سورية مذكّراً مرّة أخرى بأن بلاده "تدعم وحدة الأراضي السورية، وتعمل على التنسيق والحوار والتواصل في اتّجاه ضمان سلام بنّاء في المنطقة". أمّا الموقف الثاني البارز، فجاء على لسان وزير الخارجية حاقان فيدان في جلسة يوم الثالث من الشهر الجاري، ووفقاً للوزير فإنّ "الأولوية الآن، هي عدم نشوء أيّ "نزاع" في سورية. الصورة هي كما رسمناها في إطار اتفاق أستانا، والحفاظ عليها مهمّ".

وأضاف الكاتب: يلقي هذان الموقفان اللذان جاءا في أقلّ من 20 يوماً الضوء على حقيقة الموقف التركي من تطوّرات الأزمة السورية. فإضافةً إلى إسرائيل التي تحتلّ هضبة الجولان منذ 57 عاماً، والولايات المتحدة التي تحتلّ أراضي سورية في شرق الفرات منذ أكثر من عشر سنوات، فإن تركيا هي البلد الثالث المعني مباشرةً بالوضع في سورية. فبين البلدَين حدود برية تقرب مساحتها من الـ911 كيلومتراً. وإذا نحّينا جانباً مسألة لواء الإسكندرون الذي "ضمّته" تركيا إليها بالاتفاق مع فرنسا منذ 85 عاماً، ولم يعترف زعماء سورية بضمّه لا في حينه ولا بعدما نالت البلاد "استقلالها التام" عام 1946، فإن تركيا تحوّلت إلى أكبر طرف في "المسألة السورية" بعد نشوء الأزمة فيها في عام 2011؛ إذ دعمت علناً ما تسمى المعارضة السورية المسلّحة، وانتقلت بين عامَي 2016 و2019 بنفسها إلى احتلال أجزاء واسعة من الشمال الغربي، وبعضاً من الشمال الشرقي للفرات، حيث لا تزال قواتها موجودة.

وختم الكاتب: في سياق العلاقات المباشرة، والتي تعني تركيا وسورية خارج تأثيرات الأطراف الأخرى، تأتي مواقف أنقرة الأخيرة لتسدّ الكوّة التي انفتحت في جدار الانسداد في العلاقات بين البلدَين. ويتّضح أن الأتراك يضعون شروطاً تعجيزية لا يمكن تحقيقها. أما تصريحات وزير الخارجية، وخصوصاً في ظلّ دخول عامل العدوان على غزة وانشغال جميع اللاعبين فيه، فهي لا تدلّ على أن في نيّة تركيا فتح صفحة جديدة مع سورية، ولا يمكن على أيّ حال، وضع كلام فيدان عن "الهدوء والتفاعل ونسيان الكراهية"، إلّا في إطار "الشعرية" التي تقفز عن كل الوقائع المرّة المتعلّقة بدعم التنظيمات الإرهابية والأطماع التاريخية وتكامل الأدوار مع الولايات المتحدة وإسرائيل. والمحصّلة، أن الاحتلال مستمرّ وعدّاده يسجّل السنوات، والطريق إلى المصالحة، مسدود مسدود.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=96971