نافذة على الصحافة

أهلاً بعودة العرب إلى سورية


تتوالى الهزائم الدولية التي أرادت إسقاط سورية منذ أكثر من 12 عاماً، وها هي عودة سورية إلى مكانها في الجامعة العربية غيض من فيض، صحيح أن الشارع السوري الذي أتعبته الحرب والحصار لم يعط بالاً كبيراً لقرار وزراء الخارجية العرب الذي صدر بالإجماع بعودة سورية إلى الجامعة العربية وجميع مؤسساتها دون شروط، لكن ما ينطوي على هذا القرار دولياً وإقليمياً كبير جداً. 
 
ورأى عبد الباري عطوان في كلمته في صحيفة رأي اليوم أن هذا القرار هزيمة مدوية للولايات المتحدة الأمريكية التي عارضت بقوة هذه العودة السورية، وحرضت بعض حلفائها بعرقلتها بكل الطرق والوسائل، ولكن عدم تجاوب أي دولة عربية مع هذا التحريض، يعكس انحساراً متزايداً لنفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. 
 
وقال عطوان: تعاملت سورية بلامُبالاةٍ مع مسألة هذه العودة إلى الجامعة وتطبيقاً للمثل الذي يقول (الحجر في مطرحه قنطار)، ولم تَسْعَ مطلقاً لها، وتعاطت مع الدول التي أيدت، بل ورسخت إبعادها، وهي الدولة المؤسسة للجامعة، بحالة من البُرود وتجنبت الدخول في أي معارك إعلامية في ترفع غير مألوف في إرث الخلافات العربية...  
 
وأضاف الكاتب: سورية انتصرت، وعودتها إلى الجامعة العربية ما كان لها أن تتم لولا صمود جيشها العربي في ميادين القتال على مدى 12 عاماً دونَ انقطاع، والتفاف معظم أبناء الشعب السوري خلف قيادته، وتحمل الكثير من الصعاب والحصارات لإفشال المؤامرة الأمريكية والإسرائيلية لتفتيت بلاده وتقسيمها، وتحويلها إلى دولة فاشلة... نحن أمام مرحلة تغيير شاملة تسود العالم حالياً، وتتمثل أبرز معالمها في تراجع النفوذ الأمريكي الأوروبي المتسارع، ولمصلحة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بزعامة المحور الصيني الروسي، ومن الطبيعي أن لا تظل المنطقة العربية في منأى عن هذه المتغيرات... الاحتلال الإسرائيلي سيكون الخاسر الأكبر من هذه الصحوة العربية المدروسة، والنتائج التي يمكن أن تترتب عليها. 
 
 
وتابع الكاتب: التصفيق والترحيب بعودة سورية إلى الجامعة العربية لا يكفي وحده، ولا بد أن تتبعه خطوات جدية لإعادة تفعيلها، وإصلاحها، وإعادة توجيه بوصلتها نحو القضية العربية المركزية الأولى، وإعادة إعمار سورية، وتخفيف مُعاناة شعبها، كتكفير للذنوب، والاعتذار العملي عن الجريمة التي جرى ارتكابها بحقها وشعبها، ولعل قمة الرياض المقبلة ستكون انطلاقةً جدية في هذا المِضمار. 
 
وختم الكاتب: إن سورية التي كظمت الغيظ لأكثر من 12 عاماً، وتحملت طعنات الغدر المسمومة، ولم تتخلّ عن قيمها وعقيدتها، كانت أكبر من العِتاب، و”المُعايرة”، وستعيد بعودتها العروبة إلى جامعة تخلت عنها، وهنا تظهر معادن الدول.. وأهلًا بعودة العرب إلى سورية.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=93369