تحقيقات وتقارير

الرئيس الإيراني يختتم زيارته إلى سورية..قراءة في أبرز محطات الزيارة


 
الإعلام تايم || كنان اليوسف 
 
 
 
اختتم الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي زيارته إلى سورية، في حين كان واضحًا للكثير من المراقبين قبيل موعدها بأيام ، أن قدوم رئيسي إلى دمشق ، لن تكون مجرد زيارة بروتكولية كالتي تحصل بين الدول عادة ، فمعظم ما ذهبت إليه التحليلات من شراكة استراتيجية بين دمشق وطهران. واتفافيات تعاون في مختلف القطاعات ، أكدتها مذكرة التفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين.
 
 
فتح صفحة جديدة من الشراكة التجارية
 
الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين ضمت مجالات الزراعة والسكك الحديدية والاتصالات والاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية، وأخرى للمناطق الحرة و مذكرات تفاهم للتعاون في مجال النفط والمركز الوطني للزلزال، و بنيت على شراكة استراتيجية واجتماعات سبقت الزيارة للجنة الاقتصادية السورية الإيرانية المشتركة ، في حين يسعى البلدان لأن تكون بداية تعاون شامل، حيث وصفها الرئيس الأسد  بالهامة حين قال في الكلمة التي تلت التوقيع: "الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها والمشاريع التي تمت مناقشتها وهي كثيرة وعديدة ستعطي دفعاً كبيراً لهذه العلاقات عبر تطوير آليات ترفع مستوى التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين وتخفف من آثار العقوبات المفروضة علينا مستفيدين من تغير الخارطة الاقتصادية للعالم وانتقال التوازن تدريجياً باتجاه الشرق والذي من شأنه أن يحرر الاقتصادات الدولية من هيمنة الغرب ويفقد الحصار مفاعيله تدريجياً”. 
 
 
ولأن الاقتصاد أولاً ، ومتابعة لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وعددها ١٥ اتفاقية ، حرص الرئيس الإيراني على عقد اجتماع موسع مع الغرفة التجارية المشتركة السورية الإيرانية ، واستمع من رجال الاعمال والاقتصاديين في البلدين الى أبرز العقبات التي تحول دون توسيع التبادل التجاري بينهما، ووضعهم في صورة الاتفاقيات الموقعة التي يتمكن معظمها من حل العثرات التي طرحها التجار السوريين والإيرانيين خلال  المنتدى الذي أقيم بوزارة الخارجية وفيه أكد رئيسي أن الشعب الإيراني والمسؤولون الإيرانيون يقفون دائماً إلى جانب الشعب السوري،  مبيناً أنه و خلال الاجتماع الأخير مع الرئيس بشار الأسد تم اتخاذ جملة من القرارات حيث تم توقيع 15 وثيقة بين طهران ودمشق، والاجتماعات المشتركة بين سورية وإيران مفيدة لتنفيذ الاتفاقيات بين البلدين ،  والزيارة ستشكل منعطفاً إيجابياً وجيداً لتنمية العلاقات.
 
 
رسائل السياسة ليست أقل من الاقتصاد
 
لم تخلو زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق من الرسائل السياسية وإطلاق المواقف المنتظرة من الجانبين، حيال ملفات عديدة وتطورات متسارعة كان شهدها العالم والإقليم منذ بداية العام الحالي، لتشكل الزيارة محطة هامة لتسجيل مواقف ثابتة للبلدين حيال اهمية التعاون بين دول المنطقة ، في إشارة إلى التفاهم الإيراني السعودي ، ومسار التقارب السوري التركي الذي تلعب طهران دورًا كبيراً فيه ، بينما كان للعدو الصهيوني حصة من هذه المواقف التي أكد الرئيسان الأسد ورئيسي ما سارت عليه استراتيجية المواجهة مع هذا العدو في إطار محور المقاومة وهذا ما لخصته الإفادة الصحفية المشتركة عقب توقيع الاتفاقيات، ودعا الرئيس الأسد خلالها إلى استغلال الفرص الإيجابية الراهنة والمتمثلة في تحسن العلاقات بين عدد من دول المنطقة بعد عقود من التوتر انطلاقًا من بديهة أن دول وشعوب المنطقة تربح سوية أو تخسر سوية وفي هذا الإطار قال الرئيس الأسد "نرحب بتطور العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية لما سيكون له من انعكاس إيجابي كبير على مناعة دول في هذه البقعة الهامة من العالم.
 
وحول مسار التقارب السوري التركي أكد الرئيس الأسد  أهمية  مبادرة الاجتماع الرباعي الذي ترعاه موسكو مع الحرص على أن يكون محورها وهدفها هو انسحاب القوات المحتلة وإيقاف دعم المجموعات الإرهابية كطريق طبيعي لعودة العلاقات العادية بين أي بلدين.
 
 
الوجود الأجنبي اللاشرعي يؤخر التعافي السوري
 
رسمت دمشق وطهران من خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية استراتيجية واضحة وثابتة للبلدين تقود إلى التعافي السوري ، استراتيجية تقوم على انهاء القوى الأجنبية المحتلة للأراضي السورية، فوجود هذه القوى ودورها التخريبي هو ما يعرقل مسيرة التعافي السوري بعد اثني عشر عاماً من الحرب فشلت خلالها محاولات هذه القوى في كسر إرادة الشعب السوري.
 
وفي هذا السياق أكد الرئيس الإيراني أن  "تواجد الأجانب لا يسبب لنا استتباب الأمن، إنهم لا يجلبون لنا الأمن، بل إنهم مخلون بأمن المنطقة، ومن المستحسن أن تخرج القوات الأميركية سريعاً من المنطقة، مضيفًا أن "طريق استتباب الأمن والحرص على السيادة السورية هو خروج القوات الأجنبية غير الشرعية، وإعادة السيادة السورية على كافة الأراضي السورية هي بخروج هذه القوات، ويجب أن تُحترم السيادة السورية على كافة الأراضي السورية”.
 
 
 
فلسطين كانت وستبقى البوصلة
 
لا يختلف العقلاء في السياسة على دور إيران وسورية في دعم حق الشعب الفلسطيني بأرضه قولاً وفعلاً  بل إن ما تعرضت له سورية من حرب ما خي إلا ثمنًا دفعته لموقفها الداعم لفلسطين.
 
وكان واضحًا كلام الرئيس الأسد خلال استقباله الرئيس الإيراني، حين فال "إن دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل التي تمكنه من الصمود ومن الدفاع عن نفسه وأرضه هو واجب وهو ضرورة، فهو الذي يشكل حاجز المناعة الأول لنا جميعاً في مواجهة ذلك الكيان المسخ”، في إشارة إلى الكيان الصهيوني ، مرحباً  بالتفاهمات الإقليمية وأهميتها ووصفها بالمناعة التي أكثر ما نحتاجها اليوم في مواجهة الكيان الصهيوني الشاذ الذي لا يحيا إلا على الدماء والموت.
 
وفي ذات السياق من الموقف السوري الإيراني من القضية الفلسطينية خصص الرئيس الإيراني مساحة واسعة من زيارته إلى سورية للقاء جمعه بقادة فصائل المقاومة الفلسطينية العاملة في سورية، وبحث معهم مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية وأكد خلال اللقاء الموقف الثابت للجمهورية الإسلامية الإيرانية في استمرار دعم إيران للحقوق الفلسطينية في كل المجالات، ودعم ايران المستمر لقوى المقاومة الفلسطينية و أن قوى محور المقاومة هي أقوى بكثير مما كانت عليه في السابق، ومستوى التنسيق ووحدة الساحات بين كل أطراف محور المقاومة سواء في غزة أو الضفة الغربية أو سورية أو لبنان أو اليمن او في العراق أو إيران ، وفق ما كشف القيادي الفلسطيني خالد عبد المجيد في تصريح سابق للإعلام تايم.
 
 
 
علاقات ثابتة رغم العواصف التي ضربت المنطقة
 
 محاولات دق اسفين في العلاقات السورية الإيرانية لم تتوقف ، فمنذ العقود الأولى لبناء هذه العلاقة في ثمانينيات القرن الماضي ، أدرك الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية خطورة هذه العلاقة ، ولهذا كانت الحرب الإيرانية العراقية ، والغزو الإسرائيلي للبنان ، في محاولة لتطويق قيام هذا التحالف بين قوة إقليمية صاعدة حينها كالجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ودولة من دول الطوق مع فلسطين المحتلة كسورية، تمكن البلدان من إفشال هذه المحاولات في الماضي بدء من تلك الحقبة مرورا بما جرى مع بدايات الألفية الثانية من غزو العراق ٢٠٠٣ ، ومحاولات إشعال الساحة اللبنانية، واغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وما تلاه في حرب تموز ٢٠٠٦، وصولا إلى بداية الحرب الإرهابية على سورية ٢٠٠١١ ، وبهذا تكون العلاقة السورية الإيرانية قد مرت بمحطات اختبار كثيرة، واستطاعت الإرادة السياسية لدمشق وطهران تجاوز هذه المحطات وافشالها  في إطار محور المقاومة.
 
وفي هذا السياق قال الرئيس الأسد"لقد أثبتت هذه الرؤية المشتركة أنها مستندة إلى أسس صحيحة وثابتة، مستندة إلى قيم، مستندة إلى مبادئ، مستندة إلى عقائد، ومستندة وهو الأهم إلى مصالح الشعوب وإلى سيادتها واستقلالها" مضيفاً "العلاقة بين بلدينا بنيت على الوفاء، عندما شنت حرب ظالمة ضد إيران في عام 1980 لمدة ثماني سنوات، سورية لم تتردد بالوقوف إلى جانب إيران بالرغم من التهديدات والمغريات في ذلك الوقت”.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=93295