نافذة على الصحافة

الاعتداءات المتكررة وميزان الردع في سورية


تكررت الاعتداءات الصهيونية على الأراضي السورية خلال الأيام الماضية، وباتت الفترات الزمنية بين تلك الاعتداءات متقاربة جداً فما القصة؟ 
 
تحدثت صحيفة الأخبار اللبنانية عبر مقال لحسين الأمين عن أسباب تكرار الاعتداءات بفاصل زمني قصير جداً، حيث قال الكاتب إنه وقبل أيام، وصلت إلى مكاتب النخبة السياسية والأمنية في تل أبيب عبر البريد الأمني وثيقة رسمية صادرة عن قسم الأبحاث في "شعبة الاستخبارات العسكرية" في الجيش (أمان)، تضمّنت تحذيراً عاجلاً من "تدهور الوضع الاستراتيجي" للكيان وتحديداً في ما تُسمّى "البيئة الاستراتيجية"، والتي تأثّرت بالعديد من العوامل الداخلية الذاتية، والخارجية الإقليمية، والخارجية الدولية، إذ بعدما اشتعلت كلّ أضواء التحذير على المستوى الخارجي، استفحلت الأزمة السياسية داخل إسرائيل، وتسرّبت إلى قلب المؤسسة الأمنية. 
 
وأضاف الكاتب:جرت تطورات أمنية من منتصف الشهر الماضي  على وقع تغيّرات عميقة بعضها سريع وآخر يسير ببطء في البيئة الاستراتيجية للكيان. بداية، يتأكّد للجميع، يوماً بعد يوم، تراجع الحضور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط لمصلحة الحرب الدائرة في أوكرانيا، والتوتّرات الكبيرة في آسيا حيث التأزّم يزداد مع الصين وكوريا الشمالية. ولعلّ من أوضح المؤشّرات إلى ذلك سحب الأميركيين طائراتهم المتطوّرة من المنطقة، وتحديداً من دول الخليج، ونقلها إلى أوروبا واستبدال طائرات أقدم وأقلّ كفاءة بها. ويُضاف إلى ما تَقدّم، التوتّر المتزايد بين واشنطن وتل أبيب الذي يثير قلقاً كبيراً لدى دول المنطقة التي طبّعت مع إسرائيل، أو تلك التي تمتلك نوعاً من العلاقات معها، على اعتبار أن دافعها الرئيس إلى ذلك كان التقرّب إلى الولايات المتحدة من خلالها. إلّا أن ما يحدث اليوم، هو توجّه تلك الدول نحو التقرّب من إيران، والبحث عن تسويات "محلّية" على مستوى الإقليم، مثلما حدث في اتفاق استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، ثمّ بين الأولى والبحرين ومصر، ثمّ تعيين سفير إيراني في أبو ظبي للمرة الأولى منذ 8 سنوات، في وقت يستقبل الرئيس بشار الأسد المسؤولين العرب ويزورهم، ويتلقّى دعوة للعودة إلى جامعة الدول العربية، بينما هو يحتفظ بعلاقات ممتازة مع إيران، ولا يزال يرى العدو في قيادته حلقة أساسية من حلقات "محور المقاومة". 
 
وتابع الكاتب: فوق كلّ ما سبق، لم تنفع النداءات الإسرائيلية المتتالية إلى دول الغرب والولايات المتحدة، لإظهار خيارات "خشنة" في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، بل آخر ما حصلت عليه إسرائيل في هذا السياق هو رسالة من الإدارة الأميركية إلى الحكومة الإسرائيلية تُعلم فيها الأولى الأخيرة دراستها عقد اتفاق "جزئي" مع إيران حول أجزاء من مشروعها النووي، وأن طهران لم توافق بعد على ذلك العرض. أما أخطر ما في المشهد فهو الأزمة السياسية المستفحلة داخل الكيان التي وصلت إلى ذروتها مع إقالة وزير الأمن يوآف غالانت من منصبه، ثمّ العودة عن الإقالة بسبب "الأوضاع الأمنية". 
 
وقال الكاتب: أمام كل ما تقدم، بدا للعدو أن لا مفرّ من التصعيد في وجه "محور المقاومة" المتوثّب بهدف إيصال رسائل قوة وردع، وحصد مكاسب تكتيكية، فيما لم يجد أمامه لإيصال هذه الرسائل سوى الساحة السورية، حيث تفلّت العدو منذ مدّة طويلة من أي قواعد اشتباك حازمة، وشنّ على هذا الأساس خلال أسبوع ما يشبه الحملة الجوية على مواقع ومرافق عسكرية ومدنية، يزعم أنها تخص قوى في "المحور"، أو الجيش السوري، ما أدّى إلى سقوط عدد من الشهداء، بينهم إيرانيان. لكن مستوىً جديداً من التحدّي فرضته الطائرة المسيرة الأخيرة التي دخلت من سورية إلى فلسطين المحتلة، حيث تثبّت العدو أكثر من أن قيادة "محور المقاومة" غير مردوعة، وأنها تنوي تعديل ميزان الردع في سورية ضمن سياق تصاعدي أكبر تنخرط فيه كل قوى "المحور".
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=92867