وجهات نظر

الاعتداءات الصهيونية على سورية...خيار الضرورة لعدو مأزوم داخليا وإقليميا


الإعلام تايم- كنان اليوسف

عدوان صهيوني جديد على مطار حلب الدولي ، يحمل في طبيعته إصرار صهيوني على إبقاء هذا المرفق الحيوي خارج الخدمة بعدما شكل شريان الحياة بالنسبة للمدينة المنكوبة جراء الزلزال الذي ضربها في السادس من شباط الفائت.

 

كما يعكس الاعتداء حجم القلق الصهيوني من تغير قواعد الاشتباك التي يعتقد انه فرضها طيلة السنوات الاثنى عشر الماضية ،من خلال محاولاته اثبات قدرة ذراعه العسكرية على الوصول الى أي مكان في سورية، فالعدو يدرك تماما أن مثل هذه القواعد بدأت تتغير فعليا منذ العام 2018 بفعل فرض سورية معادلاتها العسكرية على الأرض وفي اكثر من منطقة ، ما مكنها أيضا من امتلاك أوراق سياسية في وجه القوى الغربية والإقليمية التي عولت على الجماعات الإرهابية في اسقاط الدولة ، لهذا السبب ترى إسرائيل أنه من باب الضرورة إبقاء حالة التصعيد قائمة على الأرض السورية ، لأن استقرار هذا البلد من وجهة نظر العدو يعني التعافي في مختلف المجالات ، كما يعني النشاط الدبلوماسي تجاه دمشق ، وهذا ما بدأ يحصل منذ العام 2018 وبدأت كرة الثلج الدبلوماسية تكبر شيئا فشيئا حيال سورية، بعد فشل كل محاولات العزلة السياسية ومؤخرا الاقتصادية ،

 

ليست تطورات الداخل السوري عسكريا وسياسيا وحدها التي تقلق العدو الصهيوني بل إن التطورات الإقليمية هي الأخرى اصابت العدو بنكسة خاصة بعد مسار التقارب السعودي الإيراني في الوقت الذي كان يحاول فيه العدو وضع ايران في خانة العدو لدول المنطقة  بغرض توريط هذه الدول بمواجهة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يخرج العدو الصهيوني الكاسب الوحيد منها فيما لو حصلت هذه المواجهة، من هذا الباب تجد إسرائيل نفسها مضطرة لمثل هذه الاعتداءات بين الحين والآخر في الداخل السوري بهدف خلط الأوراق قدر الإمكان وإبقاء حالة اللاتستقرار سمة دائمة في سورية ، كيف لا وهو يدرك أن مثل هذا الاستقرار يعني المزيد من الاستقرار في المنطقة لا سيما بعد الانفتاح العربي على سورية وكذلك محاولات التقارب التركي مع دمشق ..والاهم من كل ذلك التقارب السعودي الإيراني الذي سينعكس استقرار إقليميا وتشبيكا للعلاقات بين دول الإقليم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وهو ما لا يريح إسرائيل التي ترى ان استمرار وجودها ككيان يتوقف على استمرار الفوضى والحروب والفتن بين دول الإقليم.

 

وفي هذا السياق يمكن القول إن كل الاعتداءات الصهيونية على سورية خلال السنوات الأخيرة هي اعتداءات لا ترتبط بغايات عسكرية وإنما بأهداف سياسية ، على عكس ما كانت عليه الاعتداءات الصهيونية التي كانت تتم خلال السنوات الأولى للحرب الإرهابية ، اذا غالبا ما ارتبط توقيت هذه الاعتداءات بحالة التراجع لدى الفصائل الإرهابية على الأرض فكان يتدخل هذا العدو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الجماعات وبالشكل الذي لا يستطيع من خلاله الجيش السوري تغيير خارطة السيطرة لمصلحته، لكن ومع فشل هذه الأهداف العسكرية بدأ تركيز العدو على أهداف سياسية ترتبط هي الأخرى بتطورات الإقليم ومركزه سورية.

 

 

على المقلب الآخر يبدو الداخل الصهيوني والأزمات التي يعيشها ليست بالبعيدة عن لجوء العدو إلى تنفيذ مثل هذه الاعتداءات في الداخل السوري بين الحين والآخر ، فحكومة نتنياهو المتطرفة وحجم المعارضة والأزمات التي تواجهها ترى في استهداف سورية ملاذا من الضغوط الداخلية باتجاه الخارج ، علاوة على كل ما سبق بات العدو الصهيوني اليوم يواجه مقاومة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلّة، ويقف العدو عاجزا أمامها وكل اتصالاته مع السلطة لم تجدي نفعا لفرلملة تصاعد هذه المقاومة  التي بدأت تصعّد من العمليات ضد جنود الاحتلال ومُستوطِنيه ، وأمام كل هذه الأزمات الداخلية يحاول نتنياهو تصدير هذه الاعتداءات لجمهور المستوطنين على انها جزء من  ما يسميه باستراتيجية المواجهة مع إيران ومحور المقاومة، لكن حتى مثل هذه الأكاذيب ما عادت تنطلي على الداخل الصهيوني.

 

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=92623