نافذة على الصحافة

اللقاء السوري – التركي وحساباته


تتوالى الإشارات التركية حول المصالحة بين سورية وتركيا بما أوحى بأن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأسد وأردوغان بات قاب قوسين أو أدنى، ورأى أحمد الدرزي في مقال نشرته موقع الميادين أن الوضع استمر على هذه الحال إلى أن سربت وكالة "رويترز" الموقف السوري الرافض للقاء قبل الانتخابات الرئاسية التركية، وهذا الوضع زاد من حجم الضغوط الاقتصادية على السوريين، وتساءل: ما حسابات الأطراف الأربعة؟ وإلى أين يتجهون في المسارات السياسية؟


وقال الدرزي: ولَّدت الحرب في أوكرانيا مستوى آخر من الاصطفافات السياسية الدولية، ودفعت إلى مزيد من حدة الاستقطابات الدولية والإقليمية، وأبرزت الأدوار الإقليمية لإيران وتركيا بالدرجة الأولى وللسعودية ومعها دول الخليج بالدرجة الثانية، بما أظهر قدرة الدول الثلاثة على التأثير في مجمل السياسات العالمية، بما أربك الولايات المتحدة ومعها دول العالم الغربي، وفرض عليها حسابات جديدة في صراعها من أجل الإبقاء على بنية النظام الدولي الغربي المهيمن، وقد يكون تعبير المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي،جون كيربي بخصوص ارتفاع مستوى العلاقات بين روسيا وإيران أكثرها تأكيداً لحجم القلق، بعد أن وصفها "بالشراكة الدفاعية الكاملة"؛ فالبلدان يشتركان في حِدَّة العداء للغرب، وفرضت عليهما عقوبات دفعت بهما نحو المواجهة المشتركة، بعد أن أدرك البلدان أنهما يخوضان صراع الوجود والبقاء، وليس لهما خيار إلا خيار الشراكة، وأن الخروج من هذا الصراع لا يكون إلا بهزيمة المشروع الأميركي خاصةً، والغربي عامةً، وهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق عالي المستوى، لإخراج الولايات المتحدة من منطقة غربي آسيا، وبخاصة من العراق وسورية ولبنان، وهو يحتاج أيضاً إلى تعاون تركيا الفاعل بعد دورها السلبي الكبير في الحرب السورية، إضافة إلى دورها الكبير في شرقي المتوسط، ولَم يقتصر الأمر على الشراكة الروسية الإيرانية؛ فتركيا التي أُغلقت في وجهها أبواب الانتماء إلى العالم الغربي، ومنعت من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وجدت في الحرب الأوكرانية فرصة لتعزيز أوراقها كي تكون محوراً لا غنى عنه كجسر بين الشرق والغرب، ومكان للاستثمار الكبير، يساعدها في الخروج من أزمتها الاقتصادية الكبيرة،

وأضاف الكاتب: الحسابات السورية لم تكن تتماشى تماماً وحسابات الأطراف الثلاثة، على الرغم من قناعة دمشق الكاملة بأن الاستقرار في سورية لا يمكن أن يتحقق من دون مصالحة كاملة مع تركيا.،ولكن الخشية من تقلبات سياسات الرئيس التركي، كما فعل بعد منتصف آذار/ مارس عام 2011، والحذر من فقدان مركزية القرار السياسي والاقتصادي والعسكري جراء المصالحة، كل ذلك دفع القيادة السورية إلى رفض اللقاء في موسكو، بعد الإحجام عن عدم تلبية شروطها المتمثلة في خروج الاحتلال التركي من أراضي الشمال السوري، والتخلص من التنظيمات الإرهابية.

وتابع الكاتب: تبدو أطراف أستانة الثلاثة مستعجلة على المصالحة، وقبل الانتخابات الرئاسية التركية؛ وفي المقابل فإن دمشق قد حسمت أمرها وقررت تأجيل لقاء المصالحة، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية، على الرغم من الضغوط الاقتصادية الهائلة، وما بين الإسراع والتأجيل تكمن الفرص والتهديدات، خصوصاً بعد أن كان الرد التركي بثلاثة شروط، على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: المطالبة بالتخلص من المنظمات الإرهابية، والحصول على منطقة آمنة بعمق 32 كيلومتراً، والدخول في حل سياسي. فهل نشهد تذليلاً لعقبات لقاء المصالحة بفعل حاجة الأطراف الثلاثة إلى ذلك، أم يؤجل الأمر إلى ما بعد انتخابات الرئاسية التي يُمكن أن تضمن استمرار أردوغان، ولكن من منطلقات جديدة؟
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=90631