تحقيقات وتقارير

دراسة: "إسرائيل النووية.. قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة"


خاص الإعلام تايم 

 

تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بداية العام الحالي توترات ومواجهات وتهجير ومصادرة، أسفرت عن استشهاد مئات الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي استخدمت كل أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة، وسط أجواء من الخوف والترويع لعودة التحالف الليكودي- الكاهاني، الذي يطمح بضم الضفة الغربية وتهديد الفلسطينيين في داخل "إسرائيل" بالطرد إذا ثبت عدم ولائهم للدولة.

 

وبهدف تسليط الضوء على مجريات الأحداث المتعاقبة في الأراضي المحتلة، انطلقنا من دراسة أجراها الدكتور منذر علي أحمد مدير الإعلام الإلكتروني في وزارة الإعلام السورية والمحاضر في الجامعة الافتراضية السورية والتي جاءت بعنوان "إسرائيل النووية... قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة"، متضمنة في كتاب "يوم القدس العالمي .. توعية للأمة وزوال للكيان الصهيوني"واحتوت على الخطوط العريضة الأهم في القضية الفلسطينية، والغاية الأساسية من إنشاء الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، والسعي لامتلاك السلاح النووي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وحرمان البلاد العربية من امتلاكه للأغراض السلمية أو لغير ذلك.

 

الدراسة بدأها أحمد بمقولة لقائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام الراحل الخميني عام 1979 والتي رددها في مناسبات عديدة "لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين." وخلال هذه الدراسة أكد على البصيرة والرؤية الاستشرافية الكبيرة التي تمتع بها الإمام الراحل وإدراكه المبكر للخطر الصهيوني على العالم وعلى أمة الإسلام كانت وراء إطلاق دعوته التحذيرية المبكرة للتنبيه إلى الخطر الذي تشكله إسرائيل.

 

تاريخ أسود من الاستخدام اللاأخلاقي للأسلحة المحرمة دولياً

تحت هذا العنوان كتب أحمد "بالرغم من أن مسألة امتلاك إسرائيل لترسانةٍ نووية، أصبحت حقيقة مطلقة ومعروفة منذ زمن طويل، إلا أن مسألة الاعتراف بامتلاكها لم ترد صراحة على لسان أي من المسؤولين الإسرائيليين. ولعل الإقرار الرسمي الإسرائيلي الوحيد بامتلاكها لقوة نووية يعود للعام 2006 أو ما وصفه البعض وقتها بزلة اللسان، كان قد سجل على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، وذلك في تصريح خلال معرض حديثه عن البرنامج النووي الإيراني، ، لقناة “سات 1” الألمانية، وقال وقتئذ لا يحق لإيران أن تنتمي إلى النادي النووي ولا يحق لها أن تكون في مصاف الدول النووية العالمية كأميركا وفرنسا وروسيا وإسرائيل".

 

الغموض النووي

قال مدير الإعلام الإلكتروني إن إسرائيل قبل زلة لسان أولمرت وبعدها لم تتغير سياستها النووية فهي لم تلتزم بالاتفاقيات النووية بل وأكثر الكيان غير معني بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية وخاصة التي تحض على حظر انتشار الأسلحة النووية ولديه الاستعداد التام لخسارة أية صداقة دولية مقابل عدم التنازل أو الاعتراف بالبرنامج النووي وهذا ماحصل في 2009 عندما رفض الكيان الانصياع لمطالب واشنطن عبر كبير مساعدي وزير الخارجية الأمريكي روز غوتمولر والتوقيع على معاهدة حظر انتشر الأسلحة النووية. لقد قوض استهتار إسرائيل أركان القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن، بسبب عدم توقيعها للمعاهدات أو عدم التزامها بالأحكام الواردة بالمعاهدات التي وقعتها، أو القيام بالتوقيع على بعض المعاهدات وعدم المصادقة عليها، أو حتى الانسحاب منها.. أو التصرف دون أي اعتبار لوجود هذه المعاهدات التي رفضت التوقيع عليها.

 

واختارت إسرائيل أن تكون كياناً مارقاً يرفض التوقيع على المعاهدات والمواثيق الدولية المنظمة للمجتمعات البشرية، وحتى في حال اضطرت للتوقيع عليها فإنها لا تلتزم بمعاييرها وشروطها وتقوم بخرقها بشكل مستمر كما هو الحال بموضوع الاتفاقيات الخاصة بحماية البيئة كاتفاقية بازل، والجميع يعلم بأن إسرائيل ترفض الدخول في أي معاهدة تخص حظر انتشار الأسلحة النووية.

 

ولايزال كيان الاحتلال يرفض التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي المعاهدة المختصة في مجالات عدم الانتشار النووي، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ونزع السلاح النووي، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ العام 1970، رغم أن الكيان عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما يرفض الكشف عن برنامجه أو حتى السماح الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش منشآته أو مراقبته، وذلك تطبيقاً لما تسميه سياسة الغموض النووي، وذلك كله بمساندة الدول الكبرى التي لم تطالبها جدياً بالكشف عن حقيقة برنامجها ولا المراحل التي بلغها، الأمر الذي سمح للكيان بأن يفصّل لنفسه استراتيجية خاصة به تضمن أن تعطيه كافة ميزات الدول النووية وتعفيه من كل التزامات الدول الغير نووية.

 

ويضيف الدكتور أحمد أنه ربما لو لم يقدر لمنطقتنا أن تبتلي بالكيان الصهيوني لكانت تغيرت الكثير من الأشياء في حياتنا ولانتهت الكثير من مشكلاتنا، ولما عرفنا العديد من المصطلحات ابتداءً من مصطلح "الشرق الأوسط" ومصطلح "أسلحة الدمار الشامل" الذي شهد العام 1937 أول استخدام له، ولما خفنا من سباق التسلح ومن انتشار الأسلحة النووية والجرثومية والكيماوية والعنقودية وغيرها... فالوجود غير المشروع لهذا الكيان في هذه المنطقة كان قد سبقه مخططات وتجهيزات طويلة الأمد تحضيراً لولادته، فمنذ الأيام الأولى لإعلان قيام ذلك الكيان سعت إسرائيل بكل قوتها وسلطتها ومالها لامتلاك السلاح النووي، الذي رأت فيه حبلاً لنجاتها وسراً من أسرار بقائها واستمرارها ووسيلة للردع والسيطرة والتخويف لمحيطها العربي، فمنذ إعلان "ديفيد بن غوريون" رئيساً تنفيذياً للمنظمة الصهيونية العالمية ومديراً للوكالة اليهودية وقت نشوء الكيان، حيث آمن بفكرة أنه "لن تكون إسرائيل هي الأقوى الا اذا امتلكت سلاحا نوويا وحرم العرب منه.. وفي ذلك الوقت ظهر شعار "لن يحيا أحد من بعدنا" والكثير غيرها من الشعارات التي تؤيد سياسة بن غوريون.

 


ديمونا الوحش

علم مؤسسو الكيان أنه رغم الدعم المطلق للقوى الكبرى التي دعمت قيام الكيان على الأراضي المحتلة لن تنال بعض مشاريعهم الرضا والقبول المطلق، وهذا كان واضحاً في قرار تحول إسرائيل إلى دولة نووية وحيدة في منطقتها. لتنطلق إسرائيل بعد ذلك إلى تأسيس "مفاعل ديمونا" Dimona في حقبة الخمسينات من القرن الفائت، وهو الشيء الذي وجد فيه بن غوريون الخطوة المثلى لسد الفجوة الديموغرافية والاقتصادية والعسكرية الهائلة بين إسرائيل وجيرانها العرب، وجاءت تلك الخطوة بدعم أمريكي حيث وقع الطرفان اتفاقية تعاون نووي أدت إلى تزويد إسرائيل بمفاعل أبحاث صغير، كذلك فرنسا التي وفرت للكيان مفاعل وكذلك محطة فصل البلوتونيوم، ونتج عن الاتفاق الفرنسي الإسرائيلي إنشاء منشأة ديمونة النووية ، كما تلقت مساعدة جوهرية من النرويج على شكل ماء ثقيل. وهنا يذكر أن إسرائيل قد استخدمت في السنوات العشر الأولى لتـأسيس المفاعل المذكور، 100 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، الذي تمت سرقتها من مصنع يملكه العالم اليهودي "زالمان شابيرو"، الذي شارك في إنتاج أول قنبلة نووية من ولاية بنسلفانيا الأميركية، وقد اكتشفت الولايات المتحدة هذا الأمر بعد عشر سنوات من ذلك. أما مجمل ما استهلكه المفاعل في العقود الثلاثة الأخيرة من اليورانيوم الخام فقد بلغ 1500 طن حصلت إسرائيل عليها من جنوب أفريقيا والأرجنتين.

 

صندوق ديمونا الأسود 

تشير الوثائق التي نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقتطفات منها، إلى "معركة إرادة شديدة" وقعت بين الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي الذي تم اغتياله عام 1964، ورئيسي وزراء إسرائيل الأسبقين، ديفيد بن غوريون وليفي إشكول، بشأن برنامج إسرائيل النووي. فالرئيس كينيدي كان مصمماً على بذل قصارى جهده لمنع إسرائيل من إنتاج أسلحة نووية، أما بن غوريون ولاحقاً إشكول فكانا مصممين بنفس القدر على إكمال مشروع ديمونة، وممارسة التضليل والمراوغة بهدف إخفاء النوايا الحقيقية الكامنة وراء إنشاء هذا المفاعل الذي لا يخضع لأية رقابة أو تفتيش دولي، ليصبح قنبلة موقوته ضمن المنطقة العربية لا يُعرف متى ينفجر في ظل شح المعلومات المنشورة عن هذه الترسانة النووية، باستثناء ما نجده من أقوال أبرز المتحدثين عن هذا الأمر موردخاي فعنونو "كاشف الأسرار النووية الإسرائيلية، عبر حديث لصحفي كولومبي قدم تلك المعلومات لصحيفة الصنداي تايمز، لتنشر بدورها في تشرين الأول 1986 قصة فعنونو كاملة مع صورة لمفاعل ديمونة تحت عنوان " كشف أسرار ترسانة إسرائيل النووية".

 

وفعنونو هذا لم يسلم من ملاحقة الموساد الذي تمكن من اختطافه في إيطاليا عام 1988وتمت محاكمته سريعاً على أنه خائناً، وأثناء جلسات المحاكمة أدهش فعنونو العالم بشجاعته وثباته إذ قال "على الإنسان أن يكون مستعداً للمجازفة بحياته والتضحية بها من أجل العمل الذي يعتبره مفيداً للإنسانية"، وحكم عليه بالسجن 18 عاما قضى من بينها 11 عاماً بالسجن الإفرادي، بتهمة الخيانة، وأفرج عنه عام 2004.

 

ماذا قال فعنونو عن النووي الإسرائيلي؟

نشرت مجلة الوسط اللندنية حديثاً لكاشف أسرار إسرائيل النووية في تموز 2004، قال فيه إن الخطر القادم من ديمونا يأتي بشكل رئيسي من جملة عوامل بعضها بشرية تتمثل بقرارات رؤساء إسرائيل الذين ربما لن يتمتعوا بالحكمة الكافية) والأمر الآخر يتمثل بتجاوز المفاعل للعمر الافتراضي مضيفاً أن مجرد فكرة استمرار وجود السلاح النووي الإسرائيلي هو خطر كبير. فنحن لا نعرف أي رئيس حكومة إسرائيلي أهوج سيصل إلى الحكم ويقرر اللجوء الى السلاح النووي في صراعه مع الدول العربية المجاورة. إن ما كشفت عنه (سابقاً) من أسلحة تملكها إسرائيل قادر على تدمير المنطقة وقتل الملايين. ولكن لنقل إن جميع الرؤساء سيكونون من الحكماء ولا يقدمون على خطوة كهذه، إلا أن مجرد مواصلة العمل في المفاعل النووي في ديمونا حتى اليوم هو أمر خطير بحد ذاته.

 

فمرور أكثر من أربعين عاماً على أي مفاعل نووي يصبح ممنوعاً لأن الفترة الزمنية التي تمنع أي تسرب منه تنتهي بعد أربعين عاماً على بنائه. وهذا ما تفعله دول أخرى تملك مفاعلات نووية، إذ تقوم ببناء مفاعل جديد مع انتهاء الفترة، أما في إسرائيل فإن الأمر في غاية الخطورة لأن أي تصدع للمفاعل يعني تسريب المواد المشعة التي تسبب التلوث وتشكل خطراً على المنطقة المحيطة.

 

أما التخلص من الإشعاعات النووية فهي بنظر فغنونوالخطر الأكبر فهي تحتفظ بحاويات لا تمنع بعد وقت معين تسرب النفايات الخطيرة تحت الأرض ومن ثم وصولها الى المياه والمزروعات وتلويثها. وفي إسرائيل يدركون مخاطر هذا الأمر، خصوصاً المعارضة، مؤكداً أنه من الضروري إتاحة المجال أمام الخبراء والمختصين للقيام بزيارة المفاعل، كما حذر من المخاطر الكبيرة التي ستنجم في حال تعرض المفاعل لزلزال.

 

وأضاف أنه على المسؤولين والإسرائيليين عموماً وكل سكان المنطقة أن يدركوا بأن الخطر بات اليوم أشد من أي وقت مضى جراء الهزات الأرضية المتواصلة التي من المؤكمد سينتج عنها انهيار المبنى الذي يحتوي على الأسلحة النووية، وبالتالي فإن إمكانية التبريد غير واردة وستؤدي الهزة الى ارتفاع درجة حرارة الأرض وانبعاث الدخان بشكل كثيف ووصوله الى الدول المجاورة وتلويث الأشجار والمزروعات والمياه والحيوانات ومن ثم يصل الى البشر، الأمر الذي أكدته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في دراسة حملت عنوان "الأخطار البيئية الكامنة وراء استخدام إسرائيل لمفاعلها النووي في ديمونا" ومواصلتها تشغيل هذا المفاعل على الرغم من حالته المتردية واستخدامه طيلة عشرات السنوات الماضية.


وسلطت الصحيفة الإسرائيلية الضوء على الاهتراء الذي أصاب ديمونا بعد 40 سنة من بنائه وعدم قدرته على الصمود أمام مخاطر القرن الجديد، ومعاناته من ضرر خطير نتيجة الإشعاعات الصادرة عن النيترونات التي تسببت بإلحاق الضرر بمبنى المفاعل. وأظهرت تحليلات الصور التي رصدها أحد الأقمار الصناعية الروسية، ان مفاعل ديمونا يتسبب بمشكلة تلوث بيئي هائلة، وعند تكبير الصور بواسطة الحاسوب يمكن رؤية منطقة جرداء بشكل غير طبيعي إلى الغرب من المفاعل وهي المنطقة التي تتواجد فيها منشأة معالجة النفايات النووية السامة الناتجة عنه.

 

وكانت وكالة سبوتنك نقلت عن الباحث في شؤون الطاقة النووية كامل سعد قوله إن نية إسرائيل تحديث المفاعل النووي وترميمه، هو كذبة من أكاذيبها لأن تصميم المفاعل - الذي وضعته فرنسا عام 1958، لا يمكن من استبدال قلب المنشأة أو ترميمها. كما علق سعد على إعلان صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن اكتشاف 1500 خلل في مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي النووي، بالقول إن العالم سيدفع الآن ثمن صمته على النووي الإسرائيلي، الذي تنكره وتخفيه تل أبيب بعلم القوى الكبرى.

 

  أقراص مضادة للإشعاعات

عقب تحذير خبراء أردنيين ومصريين من الأخطار البيئية والصحية التي تتعرض لها المنطقة العربية جراء التسرب الإشعاعي من ديمونا، وتأكيدهم ظهور حالات صحية غير طبيعية وارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الدم في مناطق قريبة منه، دفع القاهرة وعمان الى تعبئة الجهود لمواجهة هذه الأخطار المحدقة، خصوصاً بعد أن كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها بصدد توزيع أقراص مضادة للإشعاعات على الأشخاص الذين يقيمون في محيط مفاعليها النوويين.

 

هل هناك من حلول ؟

نائب وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق الجنرال إفرايم سنيه قال في وقت سابق إنه "في حال طور العرب سلاحاً نووياً فإنهم لا يحتاجون أن يستخدموه ضدنا حتى ننهار، فمجرد أن يعرف مواطنونا أنه قد أصبح للعرب سلاح نووي فإن أكثر من ثلثهم سيغادرون إسرائيل على الفور"، لذلك تعمل إسرائيل ومن خلفها واشنطن على حرمان العرب تطوير أي سلاح نووي قد يشكل خطراً على وجودها،  ورغم الخطر النووي الإسرائيلي إلا أنه وحتى الآن لم تتخذ خطوات عملية تكون على مستوى هذا الخطر، لقد كان خيار الدول العربية في مختلف مراحل الصراع مع المحتل الإسرائيلي، اللجوء إلى المنظمات الدولية لممارسة الضغط على الكيان الإسرائيلي، لكي يتخلى عن سياسة التعتيم والرفض والإنكار لوجود ترسانته النووية، ويسمح للمراقبين الدوليين بمراقبة هذه المفاعلات للتأكد من سلميتها ولطمأنة دول الجوار من سلامتها. وهكذا كان خيارهم المتاح يتمثل باللجوء بمشاريع قراراتهم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحتى لا يجابهوا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن.

 

وعلى الرغم من كون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة قانوناً لكنها تحمل ثقلاً أخلاقياً لأنها الهيئة الوحيدة التي يتمثل فيها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددهم 193 دولة. يذكر بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت في عام 2014 على تبني مشروع قرار كانت تقدمت به مصر وذلك بعد موافقة 161 دولة ورفض خمسة دول، وطبعاً كانت الولايات المتحدة وكندا وإسرائيل من بين الدول التي رفضت مشروع القرار، في حين امتنعت 18 دولة عن التصويت. ويطالب مشروع القرار إسرائيل بالتخلي عن أسلحتها النووية ووضع منشآتها النووية تحت الرقابة الدولية. وأشار المشروع، إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وطالب القرار إسرائيل "بالانضمام إلى تلك المعاهدة دون المزيد من الإبطاء وألا تطور أو تنتج أو تختبر أو تحوز أسلحة نووية وأن تتخلى عما تحوزه من أسلحة نووية" وأن تضع منشآتها النووية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

 

حتى اليوم فشلت جميع المساعي والمحاولات في أخذ اعتراف أو إقرار رسمي من الكيان الصهيوني بامتلاكه للأسلحة النووية، فبقيت لائحة الدول التي تملك مفاعلات نووية سواء لأغراض سلمية أو غير سلمية خالية من اسم إسرائيل، رغم أن مفاعلها الأشهر ديمونا قد مضى على بناءه وتشغيله عقود طويلة، ورغم ذلك ما زالت إسرائيل لا تعترف أصلاً بأنها تمتلكه، وبالرغم من كل هذه المطالبات لا زالت إسرائيل، وكما كانت من قبل ما زالت تتبنى سياسة "الغموض المتعمد" بشأن ترسانتها النووية، فهي لا تؤكد ولا تنفي وجودها.

 

من جهتها سورية لم توفر أي فرصة في المحافل الدولية لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين والأعراف الدولية، واستخداماتها غير المشروعة للأسلحة المحرمة دولياً وكان الدكتور بشار الجعفري في وقت سابق من الشهر الماضي  جدد أمام اللجنة الأولى المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، دعوة سورية للضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لإخضاع جميع منشآته وأنشطته النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

لا شك أن الحديث عن إسرائيل ومشاريعها المشبوهة وانتهاكاتها للقوانين وللأعراف والمعاهدات الدولية، هو أمر يطول شرحة ويصعب أن يستوفي حقه في هذا البحث المختصر... فنحن أمام كيان لديه سجلٌ طويلٌ وحافلٌ بالانتهاكات ضدًّ الانسانية كونه قرر أن يتصرف دون أي اعتبار لأي قوانين أو اتفاقيات أو معاهدات دولية وأن لا يحترم ولا يلتزم بأي معايير أخلاقية مانعة... وتقف في ظهره قوة سانده داعمه ولا تقف في وجهة أي قوة دولية رادعة... أمام كل هذا الاستهتار والاستهانة، أصبح لزاماً علينا أن نحصن أنفسنا وأن نجد وسائل ردع حقيقية تضع حدوداً لتصرفاته واستهتاره بحياتنا ومصير منطقتنا...

 

* الدراسة كاملة منشورة في كتاب  "يوم القدس العالمي .. توعية للأمة وزوال للكيان الصهيوني"

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=90419