نافذة على الصحافة

تركيا تلعب بالنار


 
تصعيد تركي جوي وتهديد بالتقدم البري في الشمال والشرق السوريين يتزامن مع انطلاق فعاليات "لقاء أستانا" بنسخته التاسعة عشرة في عاصمة كازاخستان نور سلطان، ويبدو أن أنقرة أرادت -كما رأى علاء الحالبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية- استباق اللقاء بتعزيز أوراقها الميدانية وإعادة تثبيت خطوطها الحمراء، في ظل التوقعات بأن تفتح هذه النسخة الباب على متغيرات جديدة، خصوصاً ربطاً بمشروع تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
 
وأكد الكاتب أن اللقاء الذي كان يُنظر إليه، قبل العملية العسكرية الجوية التركية، على أنه سيشكل مساحة لاختبار النوايا بين أنقرة ودمشق، ووضْع أرضية صلبة لبناء خطوات الثقة بين الطرفَين، يأتي مرّة أخرى مُحمَّلاً بملفات عالقة، بعد سلسلة لقاءات أمنية سورية - تركية لم ترتقِ بعد إلى مستوى اللقاء السياسي المباشر على الرغم من الخطوات "التقاربية" الميدانية التي شهدتها سورية خلال الفترة الماضية، سواءً التسهيلات الكبيرة التي أتاحتها دمشق لإعادة اللاجئين والنازحين، أو الدعم التركي لقرار مجلس الأمن 2642 الذي يقدّم دعماً ملموساً لمشاريع "التعافي المبكر" ويزيد من كمية المساعدات الواردة عبر خطوط التماس (من دمشق إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة) على حساب تلك الواردة عبر الحدود (من معبر باب الهوى)، أو وضْع أنقرة اللمسات الأخيرة قُبيل افتتاح معابر دائمة لإدخال المساعدات من جهة، وتسهيل عودة اللاجئين من جهة أخرى.
 
وأضاف الكاتب: الظاهر أن العملية الجوّية التركية التي استهدفت بالتزامن 89 موقعاً شمال العراق وشمال سورية وشرقها، أرادتها أنقرة استعراضية، وهو ما تُظهره المساحة الجغرافية الكبيرة التي شملتها، وتَركّزها على مناطق حدودية بعيدة، ورفَع إردوغان عقب العملية من حدّة تصريحاته السياسية، معيداً اتّهام روسيا بأنها "لم تفِ بوعودها بتطهير المنطقة (وفق اتفاق سوتشي، على الرغم من أننا أخبرناهم بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي، وبأننا سنتّخذ خطوات ضدّ الإرهابيين هناك"، وتُعيد هذه التصريحات إلى الأذهان الخلاف التركي - الروسي حول الشمال السوري،ومع تكثيف طائرات سورية وروسية غاراتها على مواقع عدة في ريفَي إدلب واللاذقية تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" الإرهابية ومناطق حدودية مع تركيا قرب معبر باب الهوى في إدلب، بدا أن موسكو أرادت تحريك ملفّ إدلب، والتذكير بالمماطلة التركية المستمرّة فيه، خصوصاً بعد أن أفسحت أنقرة المجال لتمدّد "النصرة" في مناطق جديدة في ريف حلب.
 
 
وتابع الكاتب: بالعودة إلى تصريحات إردوغان، فقد هدد بالانتقال إلى هجوم بري لم يحدد موعده. إلّا أن مصادر ميدانية تحدثت إلى "الأخبار"، أكدت أن خطوط التماس لم تشهد أي تحرك بري يوحي باستعدادات لعملية من هذا النوع، مرجحةً اقتصار الهجوم على العمل الجوي، في ظل التعقيدات التي تُواجه أي تحرك بري، سواءً الموقف العسكري السوري الرافض لأي توسع تركي جديد، ومطالبة دمشق أنقرة بالانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها، أو موقف كل من روسيا والولايات المتحدة المناوئ أيضاً للتحرك البري.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=90097