نافذة على الصحافة

بوتين وخيارات الرد المحتملة


لم يكن تفجير جسر القرم الذي يربط بين شبه الجزيرة التي استعادتها موسكو عام 2016 واليابسة الروسية إلا خروجاً عن قواعد الاشتباك المتبعة منذ بداية الحرب في أوكرانيا قبل ثمانية أشهر. 
  
ورأى عبد الباري عطوان في مقال نشرته صحيفة رأي اليوم أن الجميع الآن في انتظار كيفية الرد الروسي على هذه العملية الأوكرانية المفاجئة، التي جاءت في وقت تتسع فيه دائرة الانتكاسات العسكرية الروسية، ما أدى إلى عزل قائد الجيش الروسي في أوكرانيا وتعيين الجنرال سيرغي سوروفيكني الذي يملك خبرة قتالية عالية في ميادين حرب العصابات في طاجيكستان، وفي الشيشان وقاد قوات التدخل الروسي في سورية، ما يعني أن الرئيس بوتين يخطط لتوسيع دائرة هذه الحرب، وتغيير مسارها التقليدي المتبع منذ بدايتها. 
 
وقال الكاتب: هناك ثلاثة احتمالات يمكن أن يلجأ إليها الرئيس بوتين للرد على هذه العملية "الإرهابية" التي ألحقت ضرراً كبيراً بصورته، وأثارت قلقاً بنقلها الحرب تدريجياً إلى العمق الروسي، وضرب البنى التحتية الاقتصادية الروسية: 
الأول: تدمير قطاع كبير للبنى التحتية الأوكرانية سواء بعمليات ميدانية أرضية، أو بقصف جوي بالصواريخ والمسيرات، واستهداف الجسور ومحطات الكهرباء والمياه في العاصمة كييف والمدن الأخرى. 
 
الثاني: اللجوء إلى حرب العصابات من خلال تشكيل وحدات خاصة مؤهلة ومدربة بشكل جيد، ويمكن الاستفادة في هذا المضمار بتجارب سورية ولبنان والعراق وإيران واليمن. 
 
الثالث: استخدام قنابل نووية تكتيكيّة لوقف تقدم الجيش الأوكراني خاصة في الأقاليم الأربعة التي جرى ضمها إلى روسيا مؤخراً، وخاصة إقليمي خيرسون ودونتسك. 
 
وتابع الكاتب: الاحتمالان الأول والثاني أي اللجوء إلى حرب العصابات، وقصف البنى التحتية الأوكرانية غير مستبعدين على الإطلاق، لكن الاحتمال الثالث غير وارد في الوقت الراهن على الأقل، ولن يستخدم إلا كخيار أخير، وبعد إلحاق هزائم ميدانية كبيرة بالقوات الروسية... وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمح إلى طبيعة الرد الروسي الحتمي على عملية الجسر "الاستفزازية" التي نقلت الحرب إلى مرحلة جديدة بقوله "صبر موسكو في وجه أعمال العدوان الاقتصادية له حدود"، وأكد أن بلاده "ستستخدم كل الإمكانيات المتوفرة لديها لحماية مصالحها الوطنية إذا لزم الأمر". 
 
وأضاف الكاتب: يراهن الرئيس بوتين على النفس الطويل، وعدم التسرع في الإقدام على خطوات ربما تعطي نتائج عكسية، مثلما يراهن على الانهيار الاقتصادي وأزماته المحتملة في أوروبا وأمريكا.. خسارة أمريكا للحرب الأوكرانية تتأكد يوماً بعد آخر، والخروج عن قواعد الاشتباك التقليدية بتحريض الرئيس زيلينسكي وجيشه على تفجير جسر القرم، ربما يكون أحد علامات الفشل واليأس وليس القوة والانتصار، وهذه الخطوة ربما جاءت "هدية" كبرى للرئيس بوتين في عيد ميلاده السبعين فعلاً لأنها قد تعفيه من أي لوم في حالة رد قواته بالمثل، وتوسيع دائرة الحرب بضرب البنى التحتية الأوكرانية وتدميرها ليس في كييف فقط، وإنما في مختلف المدن الأخرى، فهذه العملية "الإرهابية" جاءت تجاوزاً لكل الخطوط الحمر.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=88921