وجهات نظر

مهسا أميني والبوعزيزي وأطفال درعا!!

عبد الرحيم أحمد


من أضرم النار بجسد الشاب التونسي محمد البوعزيزي عام 2010؟ ومن ألّف رواية نزع أظافر أطفال درعا؟ ومن يعمل اليوم على تحويل قضية وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني إلى محرّك للشغب والتظاهرات العنيفة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

 

لقد تمّ تصوير البوعزيزي مشتعلاً بنار قيل:إنه أضرمها بنفسه رداً على مصادرة الشرطة التونسية بضاعته من العربة الجوالة التي يعتاش منها، لكن الحقيقة تبقى مغلّفة بأجندات الاستثمار والاستغلال السياسي والإعلامي التي حوّلت الشاب من مجرد رافض لمظلمته إلى مفجّر لما يسمى “الربيع العربي” دون أن يعلم أن مظلمته إن وقعت، قد تحوّلت إلى نقمة كبرى طالت الشعوب العربية من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق.

 

الحادثة وقعت، ولكن ليس بمعزل عن استغلال سياسي قادته الأحزاب الاخوانية في تونس وخارجها للإطاحة بالحكم القائم والوصول للسلطة بأي ثمن، وقد تحقق لهم ذلك وتحوّلت بعدها القيادة التونسية (حزب النهضة الإخونجي) إلى راعٍ للإرهاب ودارٍ للإفتاء بالجهاد ضد سورية ومُصدّرٍ للمتطرفين و”الجهاديين” إليها، الأمر الذي يطرح السؤال الكبير.. هل كان جسد البوعزيزي شرارة مبرمجة “للربيع العربي” الذي لم يهدف سوى لزعزعة استقرار الدول العربية وإضعافها وتفكيكها لمصلحة كيان الاحتلال الإسرائيلي؟

 

وفي سورية ومع بداية الأزمة فيها، كان لابدّ من قصة مثيرة للحس الإنساني والتعاطف الشعبي والدولي، تحرك مشاعر الناس وغضبهم ضد الدولة وتشعل فتيل الحرب، وتمّ تلفيق رواية “نزع أظافر” عدد من أطفال درعا عقاباً لهم على كتابات ضد الدولة على سور مدرستهم!! الرواية التي لم تظهر صورة واحدة تؤكدها، لاتزال حتى اليوم “لازمة” تُردد في أي رواية إخبارية ينشرها الإعلام الغربي وبعض العربي عن سبب الحرب في سورية.

 

لقد كان الاستهداف المبرمج لسورية يحتاج إلى (أيقونة ولو مزيفة، رواية) تحرّك الشارع وتثير الناس من أجل إسالة الدماء والتي ستجرّ دماء أخرى وهكذا، وعندما كانت تهدأ النفوس كان “قنّاص القتل” الموكل بمهمة إراقة الدماء يتحرك لقتل شخص ما وتصوير ذلك بطريقة درامية مؤثرة وإلقاء المسؤولية على قوات الشرطة والجيش ولتتحرك مشاعر الغضب من جديد.

 

من (أطفال درعا إلى حمزة الخطيب إلى الشابة زينب الحصني والقاشوش) كلّها كانت أدوات تستلزمها خطة العمل المبرمجة لاستهداف سورية، وروايات تحتاجها منافذ الإعلام الغربي للاتكاء عليها في التحريض واستثارة الغرائز لاستمرار القتل والدماء وتأليب الرأي العام المحلي والعالمي ومنظمات حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي ضد الدولة السورية.

 

والدليل أن الإعلام الغربي لم يتعامل مع أي تفجير إرهابي ضد أي مؤسسة مدنية سورية سوى كعملية “ضد النظام”، ولم تصف وسائل الإعلام تلك، أي تفجير لأي مشفى أو مدرسة بأنه عمل إرهابي، بل كانت تسعى لتسوق له المبررات. وحتى اليوم مازالت هذه السياسة الإعلامية متبعة في ذلك “الإعلام الحر”.

 

قصة الشابة الإيرانية مهسا أميني التي توفيت بحسب السلطات المحلية بسبب نوبة قلبية أثناء توقيفها من قبل الشرطة، أيضاً ليست بعيدة عن “صناعة الأيقونات” من قبل الإعلام الغربي لزعزعة استقرار إيران وضربها من الداخل بعد أن فشلت القوى الغربية في تطويع طهران وإركاعها.

 

لاشك أن الغرب وإعلامه المسيطر على تدفق المعلومات في العالم مبدع في تصنيع “الأيقونات” واستخدامها لاستثارة غضب الشارع وتوجيه هذا الغضب ضد الدولة والحكومة كما يحصل في إيران بهدف الإطاحة بها. لكن بعد كلّ ما حصل أليس علينا أن نسأل ما هي مصلحة الحكومة الإيرانية بقتل هذه الشابة كما يدّعي الإعلام الغربي؟ وما الفائدة المرجوة من عملية القتل؟ ألا يمكن أن تكون “فتيلاً” جرى إشعاله من قبل الغرب؟

 

إن الاستثمار الغربي “الإعلامي والسياسي” للقضية وتغاضي هذا الإعلام عن أعمال الشغب وعمليات قتل وذبح عناصر الشرطة وإضرام النيران بهم وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة التي يقوم بها المحتجون، يفضح التورط الغربي على الأقل في التحريض على أعمال الشغب والقتل، ويزيد من هذا التورط قيام إيلون ماسك بتفعيل خدمة “ستارلنك” للانترنت الفضائي في إيران بناء على طلب الرئيس الأميركي دعماً للمحتجين.!!

 

لاشك أن الحرب المعرفية التي يشنها الغرب الاستعماري ضد بلداننا ومنطقتنا ويشكّل الإعلام وتقنياته أهم أسلحتها، تحتاج إلى حطب وهذا الحطب هو “الأيقونات” التي يصنّعها هذا الإعلام ليسير وراءها الطابور الخامس ويتبعه رعاع القوم .. لذلك ينبغي علينا أن نشكك بالمصطلحات والتسميات والتوصيفات الغربية للأحداث حول العالم، وأن نسأل ألف سؤال قبل أن نصدّق أي رواية غربية سواء نقلها الإعلام الغربي أم العربي المدجّن.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=88619