صحتك بتهمنا

ليست خرافة.. أغذية تعزّز الذكاء تَعرَّفْ عليها


مما لا شكّ فيه أنّ الأغذية وبالتحديد التي تؤثر في صحة العقل والوظائف المعرفية والإدراكية والتي يطلق عليها اسم أغذية الدماغ (Brain Food) تشكّل أحد أكثر الجوانب جدلاً في سياق الحصول على حياة صحية، لا سيما تلك التي ترتبط بزيادة مستوى الذكاء.


يعمل الدماغ طوال الوقت، فهو يتحكم بحركاتنا وأفكارنا، وتنفسنا، ودقات قلوبنا، وحواسنا،.. إلخ، ولا يتوقف عن العمل حتى في أثناء النوم، وهذا بالطبع يعني أنّه بحاجة إلى الوقود ليكمل عمله بشكل طبيعي، ومصدر هذا الوقود هو الأغذية التي نتناولها وبكل بساطة فإنّ محتويات هذا الوقود لها تأثير مباشر على صحة الدماغ.

هذه حقيقة لا جدل فيها؛ فتناول الأطعمة عالية الجودة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن ومضادّات الأكسدة تغذي الدماغ وتحميه من الإجهاد التأكسدي الناتج عن تراكم الفضلات والسموم، التي يطلق عليها اسم الجذور الحرة، والتي تنتج عن استخدام الجسم للأكسجين وتسبّب تلف الخلايا.

ومن زاوية أخرى فإنّ انخفاض جودة الأغذية له تأثير سلبي على الدماغ، فعلى سبيل المثال فإنّ قدرة الجسم على التخلص من الجذور الحرة تكون أقلّ لدى من يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالسكريات المكرّرة، ما يسبّب اختلالاً في وظائف الدماغ، هذا فضلاً عن تأثيراتها السلبية الأخرى على الجسم.

وبهذا الصدد فإنّ خبراء التغذية يؤكدّون أنّ أهمّ استراتيجية هي اتباع نظام غذائي صحي يتضمن الكثير من الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة، إلى جانب الحصول على البروتين من المصادر النباتية والأسماك، والحرص على اختيار الدهون الصحية مثل زيت الزيتون بدلاً من الدهون المشبعة أثناء الطهي.

"ما هو جيد للقلب مفيد للدماغ"، هذا ما يقوله الدكتور رونالد بيترسون ، طبيب الأعصاب ومدير مركز مايو كلينك الأمريكي لأبحاث مرض ألزهايمر، وهذا يعني التزام النظم الغذائية التي تحتوي على مكونات صحية للقلب من أجل الحفاظ على صحة الدماغ؛ مثل أحماض أوميغا 3 ومضادات الأكسدة وكميات أقلّ من الكوليسترول والملح والدهون المشبعة، وبصورة عكسية تظهر الأبحاث أيضاً أنّ أفضل أغذية للدماغ هي نفسها التي تحمي القلب والأوعية الدموية، وتعتبر العناصر الغذائية مثل فيتامين K واللوتين والفولات والبيتا كاروتين مفيدة للقلب والدماغ أيضاً، لأنها تحافظ على صحة الأوعية الدموية، وتساعد على المحافظة على التدفق الجيد للدم الأمر بالغ الأهمية لوظائف الدماغ الإدراكية.

على سبيل المثال، فإنّ الفاصوليا السوداء مفيدة للقلب والعقل في آن واحد، فضلاً عن فوائدها الأخرى، إذ يشير الباحثون في مرض السكري إلى أنّ إدماج البقوليات في النظام الغذائي يحسّن التحكم في نسبة السكر في الدم ويقللّ من أمراض القلب المزمنة، هذا إلى جانب أنّ الفاصولياء السوداء تُعدّ مصدراً جيداً للمغنيسيوم الذي يمكن أن يساعد على درء الخرف وفقاً لدراسة مختلفة.

بالرجوع إلى الدراسات والأبحاث العلمية نجد أنّ أغذية الدماغ تشمل العديد من الخيارات مثل: الأسماك الدهنية، والخضار الورقية، والمكسرات، والفول، والتوت بأنواعه، والحبوب الكاملة، والبذور، والأفوكادو، والبروكلي، والبيض، والشوكولاته السوداء، والقهوة.

بناء على ما سبق يتوضح أنّ التركيز على تناول أغذية الدماغ لن يحولنا إلى عباقرة في غضون أسابيع، فالأمر لا يتعلق بتنمية الذكاء بحدّ ذاته وبشكل مباشر، ولا يتطلّب الأمر شراء بعض الأطعمة السحرية والاكتفاء بها كما يجري الترويج له، كما أنّه لا توجد مغذيات غير مهمة، إنّ فصل المقال في هذا الموضوع يتعلقّ بالحفاظ على صحة الدماغ بتناول الأغذية التي تحتوي على المواد والعناصر المهمة لقيامه بوظائفه الطبيعية ومنع الانخفاض الحاد في أدائه الإدراكي والمعرفي مع التقدم في العمر، وجدير بالذكر أنّ أيّ تغيير منشود يستغرق بعض الوقت ولا بدّ أن يكون مدعوماً بنظام غذائي متوازن، وهنا يكمن الفهم الحقيقي للصحة المتكاملة التي لا تهتم بجانب واحد وتتجاهل البقية.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=18&id=88312