نافذة على الصحافة

دمشق تمنع التشويش على الجزائريين


بعد أشهر من تداول الأحاديث والأخبار، أعلنت دمشق صراحة عدم رغبتها في المشاركة في القمة العربية المقبلة في الجزائر، على لسان وزير الخارجية فيصل المقداد الذي عزا ذلك إلى "الحرص على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدَين الإقليمي والدولي".

 

وقال علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية إن الجزائر قابلت إعلان دمشق بتقدير وهي التي سعت خلال الأشهر الماضية إلى تمهيد الأرض لإعادة سورية إلى مقعدها، سواء بسبب العلاقة المتينة بين البلدَين، أو لرغبتها في أن تكون القمّة التي تحتضنها "تاريخية"، وثمّنت الخارجية الجزائرية الموقف السوري، وتعهدت باستمرار التواصل والتنسيق مع سورية خلال الحدث الذي تشهده أراضيها.

 

وتابع الكاتب: اللافت في تطورات هذا الملف، تصاعد الحديث عنه بشكل كبير عبر وسائل إعلام خلال الأسبوع الماضي شككت في مدى نجاح الجزائر في عقد القمة، واقتراحات بنقلها إلى عاصمة عربية أخرى، الأمر الذي يبدو أنه دفع دمشق إلى اتّخاذ موقف صريح يمنع التشويش على الجزائريين، وجاءت هذه الحملة بالتوازي مع سلسلة لقاءات قادتها واشنطن مع دول عدة، وتَكشف مصادر اطلعت على ملف أعمال اجتماع جنيف أن الوفد الأميركي أعد ورقة أعمال مؤلفة من سبعة بنود، بينها بند واضح يتعلق بعدم عودة دمشق إلى الجامعة العربية، حيث حرصت واشنطن على التأكيد للوفود العربية المشارِكة رفضها مثل هذا الإجراء، وتوصيتها بضرورة الإبقاء على الوضع الراهن، بالإضافة إلى بند آخر يتعلق بالمسار الروسي، وأهمية الحد منه، وتفعيل مسارات أخرى يكون لموسكو حضور أقل فيها.

 

وأضاف الكاتب: بدا لافتاً تراجُع التشويش على قمة الجزائر بعد إعلان دمشق عدم رغبتها في المشاركة فيها، الأمر الذي أعطى الجانب الجزائري مساحة تحرك أكبر، تجاوز عبرها أحد أهم المطبات التي كانت تعيق انعقاد القمة، التي عادت التحضيرات لانعقادها في موعدها.

 

ما لم يقله الوزير المقداد صراحة أن سورية الدولة والحكومة، تريد إعفاء شقيقتها الجزائرية من أي حرج، ونزع كل الذرائع لإفشال القمة من أيدي المتآمرين على سورية، وهو تصرف رأت فيه صحيفة رأي اليوم في افتتاحيتها كبراً وتعففاً ومسؤولية من جانب القيادة السورية.

 

وقالت الصحيفة: لا نستبعد أن تكون خطوة الانسحاب أو عدم المشاركة في القمة العربية جاءت بالتنسيق بين الحكومتين الجزائرية والسورية، وقد كنا نتمنى اعتذار الحكومة الجزائرية عن عدم عقدها، أياً كانت الأسباب والدوافع التي تقف خلف إصرارها، فالجزائر التي استعادت عافيتها ومكانتها العربية والإفريقية والدولية، وبات الزعماء الغربيون يحجون تباعاً إلى عاصمتها ليست بحاجة إلى هذه القمة البروتوكولية منزوعة الدسم، ونتمنى أن تشرح لنا الحكومة الجزائرية وكل أحبائها من الشعوب العربية دوافعها التي تكمن خلف الإصرار على هذا الانعقاد مع احترامنا لقرارها، وتسليمنا بالمثل الذي يقول "أهل مكة أدرى بشعابها".

 

وتابعت الصحيفة: سورية تظل أكبر من الجامعة العربية في شكلها البائس الراهن، وعودتها إليها في ظل هذه الأجواء الموبوءة تُسيء إليها، وتقلل من صمودها وانتصارها، فالحدث الأهم الذي كان من الممكن أن يعطي لهذه القمة أهميتها، هو الحُضور السوري، ولكن بلا هذا الحضور ستظل قيمتها محدودةً مثل كل القمم السابقة. الأولويات السورية تغيرت، وباتت تنحصر في تحرير أراضيها، وطرد المحتلين، واستعادة ثرواتها بأشكالها كافة، وإعادة الإعمار، وانتهاج الطريق الأسرع للوصول إلى هذه الأهداف هو بتعزيز وجودها في قلب محور المقاومة والقوى العالمية الصاعدة التي ستطيح بأمريكا من عرش الهيمنة على مقدرات العالم.

 

وختمت الصحيفة: مثلما تراجعت تركيا وباتت تطرق أبواب دِمشق وتتطلع إلى مصالحة تفتح صفحة جديدة مع سورية، سيأتي اليوم الذي تسير فيه حكومات عربية على الطريق نفسه، وبعضها بدأ الخطوات الأولى بإعادة فتْح السفارات.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=88110