نافذة على الصحافة

تفاهمات تحت الاختبار



يُنظَر إلى لقاء الرئيس الروسي ورئيس النظام التركي المرتقب يوم الجمعة على أنه لمسات جديدة على اتفاقات سابقة بين البلدين تبدأ من الحرب في أوكرانيا والوساطة التركية لإخراج القمح من هناك، ولا تنتهي بالأوضاع في سورية، التي بدأت تشهد عمليات تسخين متواترة لخطوط التماس.
 
ورأى علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية أن إردوغان لم يتمكن من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المتغيرات الدولية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، وفق ما كان يطمح إليه، الأمر الذي حوّل وعوده بشن عملية عسكرية وإنشاء "منطقة آمنة" في الشمال السوري إلى ورقة ضغط لا أكثر بعد أن قوبلت برفض متعدد الأوجه والمصالح، سواء من "شريكي أستانا" (إيران وروسيا) أو من "شركاء الناتو" (الولايات المتحدة وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي). وهكذا، دخلت القضية السورية مرحلة تجاذبات دولية جديدة، تشكل فيها أنقرة التي تحتل على مناطق في الشمال محوراً مفصلياً. 
 
وأضاف الكاتب: تمثل زيارة إردوغان لروسيا والقمة في سوتشي محطة مهمة، خصوصاً بعد أن ظهر التباين الكبير بين الموقفين الروسي والتركي خلال قمة طهران قبل نحو أسبوعين، عندما حاول إردوغان إفراغ "اتفاقات سوتشي" السابقة من مضمونها وهو ما قوبل برفض روسي واضح، حاولت إزاءه طهران تقريب وجهات النظر والخروج بإطار توافقي تسعى من خلاله إلى تمهيد الأرض لفتح الأبواب المغلقة بين أنقرة ودمشق بما يحقق مصالح البلدين معاً.
 
وتابع الكاتب: أمام هذه المعطيات تبدو التصريحات الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول انفتاح بلاده على العلاقات العسكرية والأمنية مع دمشق مبررة ومتوافقة مع الرغبة التركية في تجميد ملف إدلب في الوقت الحالي، ومنع معالجته بالطرق العسكرية، لكن روسيا لا تزال تظهر موقفاً متشدداً حيال الفصل بين الملفات، وتصر على فتح خطوط تواصل بين إدلب ودمشق بمختلف الطرق، والتي تعتبر المساعدات الإنسانية أبرزها، ما يبرر بدوره الموقف الروسي الحازم في مجلس الأمن حول مسألة المساعدات، وما نتج منه من قرار يقلل من حجم المعونات المتدفقة عبر الحدود، مقابل زيادتها عبر خطوط التماس (عن طريق دمشق).
 
وقال الكاتب: استبقت تركيا القمة بتحركات ميدانية عديدة في إدلب، حيث استقدمت تعزيزات عسكرية، إضافة إلى إقامة نقطة مراقبة متقدمة في منطقة جبل الزاوية. غير أن هذه التحرّكات التركية الشكلية تَوزات مع تصعيد ميداني متواصل من قبل "الفصائل" المتواجدة في المنطقة، عبر استهداف مواقع الجيش السوري، وإرسال طائرات مسيرة إلى مواقع روسية، من بينها قاعدة حميميم في جبلة، الأمر الذي قوبل برد من الجيش السوري والطائرات الروسية.
 
وختم الكاتب: نجحت تركيا خلال السنوات الماضية بتجميد ملف إدلب ولو جزئياً، فيما تمكنت روسيا من ضمان استمرار التوازن القائم، عبر ربط ملف الشمال السوري بالشمال الغربي. غير أن هذه النجاحات المتفاوتة لم تسفر عن أي انفراجات ميدانية حقيقية، باستثناء فتح طريق حلب - دمشق، والذي تم بعد عملية عسكرية نفذها الجيش العربي السوري ولم تنجح تركيا في ردعها، ومن شأن ذلك أن يجعل مخرجات القمة المرتقبة في ما يتعلق بالقضية السورية موضع اختبار حول جدية التوافقات وما تحققه من انفراجات سياسية أو ميدانية.
 
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=87212