نافذة على الصحافة

خطيئة أروغان الكبرى


بعد أن أثار قرار إغلاق النظام التركي المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية والمدنية الروسية علامات الاستفهام حول تبعاته؛ فمن غير المستبعد كما يرى عبد الباري عطوان في صحيفة رأي اليوم أن يكون هذا القرار جاء كأحد ثمار صفقة تركية أمريكية بعد اتصالات سرية بين رئيس النظام التركي ونظيره الأمريكي لتضييق الخناق على روسيا، لأن الرئيس بايدن على عكس سلفه دونالد ترامب، يؤمن بأن من الصعب تحقيق الأمن الإقليمي بدون تركيا.


وقال عطوان: هناك عدة تفسيرات لهذا القرار التركي، أحدها يقول إن أمريكا مارست ضغوطاً على تركيا بعد أن تبين أن إدارة روسيا لمعركة ماريوبول ومناطق أخرى في جنوب شرق أوكرانيا كانت تدار من قاعدة حميميم الروسية في شمال سورية، وأن طائرات انطلقت منها لتنفيذ ضربات استراتيجية للقوات الأوكرانية منها، حسب بعض التسريبات الأمريكية، بينما تقول تفسيرات أخرى إن أردوغان نجح في تحسين علاقات بلاده مع أمريكا مستغلاً حاجة الأخيرة للحلفاء في معركتها شبه الخاسرة في أوكرانيا، ومن أبرز عناوين هذه الصفقة توسيع دائرة التعاون الاقتصادي، وتلبية حاجات تركيا الدفاعية وخاصة طائرات “إف 35” المتطورة، وبطاريات صواريخ باتريوت وثاد.

وأضاف عطوان: غفر الرئيس فلاديمير بوتين للرئيس أردوغان غلطته الأولى عندما أسقطت دفاعاته الجوية طائرة “سوخوي” روسية قيل إنها اخترقت الأجواء قرب الحدود السورية التركية لثوانٍ معدودة عام 2015، بعد اعتذار الرئيس التركي بكل اللغات، ومن ضمنها الروسية، على هذه الغلطة، وصبر بوتين على الاحتلال التركي لمناطق في شمال سورية على عكس رغبة حليفه السوري، ولكن من المؤكد أن هذا القرار، أي حظر الطيران الروسي، لن يكون من السهل غفرانه، خاصة إذا تبعه قرار آخر بحظر مرور السفن العسكرية الروسية عبر مضائق البوسفور والدردنيل إلى البحر المتوسط، تطبيقاً لاتفاقية “مونترو” وهو قرار محتمل، وفي أي لحظة على ضوء التحسن المتسارع للعلاقات التركية الأمريكية... خسارة أردوغان لروسيا ربما تكون مكلفة جداً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً إذا مضى قدماً في سعيه للانحياز إلى الجانب الأمريكي في الأزمة الأوكرانية، لأنه لن يستطيع الاستمرار في دوره التمثيلي كوسيط “محايد” في هذه الأزمة، واستضافة لقاء القمة المنتظر بين الرئيسين التركي والأوكراني، وستتبدد أحلامه بتوسيع التعاون التجاري مع روسيا ووصوله إلى مئة مليار دولار سنوياً بين البلدين، ومن غير المستبعد أن يتم تجميد بيع المزيد من صفقات صواريخ “إس 400” الروسية وتصنيعها في تركيا، والأخطر من كل ذلك أن روسيا قد ترد بتطوير علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني ودعم عملياته في تركيا.

وتابع عطوان: يمكن القول إن بوصلة الرئيس أردوغان تتسم بالارتباك والتقلب في الأشهر الأخيرة، وأصبح يراهن على الأحصنة العرجاء، وقبل عام من انتخابات رئاسية وتشريعية حاسمة ربما تطيح به وحكمه من السلطة، ابتداءً من إعادة العلاقات بشكل مبالغ فيه مع “إسرائيل” وانتهاء بتورطه المتدرج في الأزمة الأوكرانية والوقوف في الخندق الأمريكي... مقامرة أردوغان محفوفة بالمخاطر وربما تعطي نتائج عكسية، وفي التوقيت الخطأ.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84991