نافذة على الصحافة

دمشق تراهن على ما بعد الحرب


أدركت دمشق أن قرار موسكو القاضي بالذهاب نحو الحرب عبر عمليتها الخاصة في إقليم دونباس هو قرار وجودي، ولا يمكنها أن تخسر هذه الحرب بأي شكل من الأشكال، عدا عن أوراق القوة غير العسكرية التي تمتلكها موسكو على المستوى الاقتصادي، وهذا ما أبرزته من خلال حالة التضخم الاقتصادية العالمية، والناجمة عن العقوبات الغربية، والانتقال إلى فرض التعاطي بالروبل مع الدول غير الصديقة لها، كخطوة أولى في مجال مبيعاتها للطاقة. 
 
وهذا ما تناوله مقال لأحمد الدرزي في موقع الميادين، وأكد فيه أن دمشق بنت موقفها على اعتبار أن الحرب الجديدة ستؤدي إلى ولادة نظام دولي جديد، وهي التي أدركت، من الأعوام الأولى للحرب عليها، أن لا خروج لها من الكارثة إلاّ بولادة هذا النظام، وخصوصاً بعد أن اختبرت التحالف الروسي الصيني الإيراني منذ عام 2011، والذي شكل لها عنصر حماية على مستوى منع شرعية اجتياح سورية عبر مجلس الأمن، ومن خلال الدخول العسكري الإيراني والروسي بصورة مباشرة بطلب من الحكومة السورية من أجل منع سقوط سورية في أيدي المجموعات الإرهابية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية. 
 
وتابع الكاتب: من هنا كان استثمار دمشق فرصة الاصطفاف الكامل مع موسكو، والذهاب نحو الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانس، اللتين تقطنهما أكثرية روسية شرقي أوكرانيا في إقليم الدونباس، في إثر إعلانهما استقلالهما، ثم ضمهما إلى روسيا، وقد تذهب أكثر من ذلك بالسماح لمتطوعين سوريين بالذهاب للاشتراك في القتال، وهم الذين اكتسبوا مهارات قتالية في الحروب اللامتماثلة.. ويعزز موقف دمشق في الاصطفاف الكامل مع موسكو، رهانها على أن العالم ما بعد نهاية الحرب الأوكرانية سيكون مغايراً كلياً، واعتبارها أن الحرب في سورية وعليها هي نتيجة الصراع الدولي والصراع الإقليمي على بنية النظام الدولي، وأن لا خلاص لها من كارثتها سوى بولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب والسياسات والثقافات، بينما استمرار هذا النظام الحالي سينعكس على وجود سورية ذاتها، على نحو لا يمكن التنبؤ بمآلاته عليها سياسياً وجغرافياً وديمغرافياً.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84640